n قالت العرب: [مد رجلك على قد لحافك]. مقولة علمية مبهرة. تتحدث عن رسالتها تخصصات جامعية، ونظريات بأبحاث علمية، وكتب، ودراسات، وعلماء. لخصها العرب في كلمات محدودة. كانوا يجيدون قراءة رسالتها، في بيئتهم الجافة والهشة أيضا. إنها العقلية الرشيدة لأجدادنا. عقلية وفراسة تحمل وبشكل كفؤ ورشيد، حكمة قراءة إمكانية البيئة وحساسيتها، عبر الملاحظة والرصد. أيضا تتعلم من الدروس والعبر والتجارب السابقة. تجاهل الحقائق والاندفاع خلف الأماني، ونجاحاتها اللحظية، لا يعني استدامة نجاحها. العقلية الرشيدة كنز كل الأجيال في كل مجال.
n الحقائق دوما بالمرصاد. لابد يوما أن تظهر. لتكشف خطورة أمانينا العشوائية، وتطلعاتنا، واجتهاداتنا التي تتخطى الحقائق. تأتي النتائج السلبية سريعا، أثناء انغماسنا في لذة ونشوة شعورنا، بقهر حقائق البيئة والمناخ، وسيطرتنا عليها. تأتي في وقت يصعب الانسحاب دون خسائر وتضحيات. تأتي في وقت يفرض علينا دفع الثمن غاليا.
n لابد للبيئة يوما من التحرر من قبضة قهر مغتصبيها واستنزاف مواردها. قهر البيئة هزيمة للإنسان. التعايش مع البيئة والمناخ، كفيل باستدامة تبادل المنافع، وفق قواعد لعبة التكامل بين الإنسان وبيئته. التعايش يمنع الجور والاستنزاف. يضع حدا للإهدار والإفساد. يقزم الطمع والجشع والأنانية.
n أعود للسؤال: من يحدد الأولويات في ظل حقائق واقع البيئة؟ الحقائق تحدد الأولويات، حتى وإن كانت بمرارة العلقم. حقيقة ندرة الماء تحدد الأولويات. هذا يعني أن يكون هناك إستراتيجية، تقوم على رؤية، لا تتجاوز، وتتجاهل، وتتخطى محاذير حقيقة الندرة. ثم يأتي التخطيط ليضع الأولويات، ويحدد الأهم قبل المهم في الشأن الزراعي ومبادراته، وفقا لمعايير الحقائق. بعدها تأتي مرحلة وضع البرامج وأهدافها. هل أسسنا للحقائق؟ السؤال ليس بهدف الحصول على إجابة. الهدف تحريك الراكد، واستثمار الفكر والمعرفة، لتعزيز أهمية تحقيق التوازن بين ندرة الماء والزراعة، في ظل زيادة سكانية، تضاعف الطلب على الغذاء والماء.
n في ظل الطرح السابق، جاء تساؤلي الكبير: لماذا السماح بزراعة أشجار الفواكه، والأشجار المثمرة الأخرى؟ هل هذا النوع من الزراعة أولوية في ظل ندرة الماء؟ هل تُزرع على مياه الأمطار؟ لماذا يسمح بالتوسع في زراعتها وهي ليست ضرورة لحياتنا؟ أليس الماء في ظل ندرته أهم وأثمن؟ لماذا التوسعات الزراعية الأفقية؟ توسعات تحتاج إلى موارد مائية هائلة تعجز البيئة عن الوفاء بها؟
n تعاظمت المحاذير مع إحلال الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال وكبار الموظفين والمتنفذين محل الأسر الزراعية. حاليا نزيد الطين بلَّة، بالجمعيات التعاونية الزراعية المتطفلة والعشوائية. أصبح المستثمرون يدقون طبولها بقوة. إن أقل محاذيرها الاعتماد على العمالة الأجنبية. لماذا السماح بالاستثمار في الزراعة؟.
n نحن بلد صحراوي، عديم المياه السطحية، فلماذا المكابرة؟ لماذا نخدع أنفسنا ونكذب عليها؟ لماذا نتجاهل الريف ومزارعيه؟ لماذا لا تنصب الجهود على (الأسر الزراعية) وتمكينها؟ لماذا غاب تشجيع أبنائهم ورعايتهم وحمايتهم، ودعمهم، للاستمرار في مهنة الزراعة؟ هم صمام الأمان وكفى.
twitter@DrAlghamdiMH
@DrAlghamdiMH