بهذه العبارة التي جعلتها عنوان المقالة توثقت معرفتي بفضيلة الأخ الشيخ الداعية أبي عبدالله أحمد بن عبدالله الأحمد عضو الدعوة بمركز الدعوة بالدمام، الذي وافته المنية في نهاية شعبان من هذا العام في الدمام، فكان المصاب بفقده جللاً، نسأل المولى -عز وجل- أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جنته وينزله منها منازل الشهداء، وإذ لا نزكي على الله أحداً فنحسب الشيخ أحمد من دعاة زماننا النوادر، ومن مؤسسي العمل الدعوي للجاليات في المملكة، لما تخصص فيه من دعوة غير الناطقين بالعربية، ويعتبر من أوائل المعتنين بهذا الأمر من بداية ظهوره بالشكل الرسمي الواسع عبر شعب توعية الجاليات التابعة لمراكز الدعوة بداية هذا القرن، ولقد كنا قد افتتحنا شعبة توعية الجاليات بالخبر كثالث مكتب على مستوى المملكة يفتتح رسمياً لهذا الغرض بعد مكتب البطحاء بالرياض ومكتب بريدة بالقصيم، وبعد فترة من بدء العمل بالشعبة بالخبر دخل علي رجل بوجه طليق وابتسامة عريضة وفرحة عارمة كمن وجد ضالته بعد حين من فقدها، وعرفت منه بعد الترحيب به والتعارف أنه الشيخ أحمد وأنه قادم من أمريكا للتو وأنه كان يعتني أثناء دراسته هناك بالتواصل مع المراكز الإسلامية والتعاون معها للدعوة إلى الله، فتوافقنا معه -رحمه الله- من ساعتها وأظهر اعتناء وحماساً لا نظير له فرحبنا به للعمل معنا متعاوناً، ثم تم تعيينه في الشعبة بشكل رسمي، فانطلق نشاطه معنا ثم مشاركاً في تأسيس وإدارة شعبة الجاليات في الدمام لتوسع النشاط فيها، وكان -رحمه الله- ذا عناية فائقة بسلامة الأداء في العمل الدعوي، ويأتي ذلك أولاً بتمحيص المنتسبين لدعوة الجاليات، وقد أفادنا وغيرنا من شعب الجاليات والمكاتب التعاونية على مستوى المملكة في التحذير من ذوي المناهج المنحرفة المندسين في صفوف دعاة الجاليات الذين كان بعضهم تتبناه مؤسسات معادية لمنهج المملكة وعقيدتها فنفع الله بجهده أيما منفعة بتكشف دعاة الضلالة وصفاء أجواء أنشطة الشعب والمكاتب مما يعكرها، فغدا -رحمه الله- خبيراً ومرجعاً على مستوى عال في هذا المجال قد امتدت مساحات الإفادة من جهده خارج الحدود كاستشاري للطريقة المثلى لدعوة الجاليات والتعامل معها، ثم ثانياً يأتي الاهتمام بالعنصر المشارك فكان -رحمه الله- يساعد في تطوير الدعاة من غير الناطقين باللغة العربية ويتواصل مع الدعاة المشهورين في العالم من ذوي التوجهات السليمة، كما كان يركز على إيجاد الدعاة وتكوينهم على المنهج الصحيح من نفس أفراد الجاليات، وثالثاً تأتي العناية بالمدعوين فكان حريصاً أشد الحرص للوصول إليهم في مواقعهم وعمل البرامج لهم في مقار عملهم ومساكنهم، كما كان -رحمه الله- مكافحاً بجرأة وبذل لسد احتياجات المنضمين للإسلام وأسرهم، وكم من مرة تردني منه -رحمه الله- رسالة «عاجل وهام جداً» فأعلم أن وراء الأكمة ما وراءها، لينجلي الأمر عن نصح أو رأي أو حاجة تقضى لمسلم جديد، إذ كان يعنى -أعظم الله أجره- بالاهتمام بقضايا من يعتنق الإسلام والوقوف معهم فيما يواجهونه من مصاعب من أرباب عملهم أو أسرهم، مما كان له الأثر البالغ في نفوسهم ودعم ثباتهم على الهدى والدين، كما كان يعنى بالمتابعة الراجعة بمتابعة المسلم الجديد وعدم الانقطاع عنه، حتى تم إنشاء برامج احتفالية لمناسبات وطنية للجاليات تستهدف دعوة القدماء وخلطهم بالجدد، ومن قوة نجاح الأمر وتأثيره على نفوس الجميع كانت بعض الممثليات تحرص على المشاركة بهذا الأمر بتقديم أكلات وأزياء وطنية دعماً لهذا الأمر، فرحم الله الشيخ أحمد، فقد سطر مع من شاركه أسساً ومبادئ للعمل الدعوي في أوساط الجاليات لا غنى للمهتمين بالعمل بها لتثمر -بإذن الله- نجاحاً وصلاحاً، وإنما أنا هنا غير محص لكل ما قدم الشيخ أحمد -رحمه الله- فقد قدم الكثير في مجال الدعوة غير أنها أسطر جال في الوجدان عبيرها فصاغ القلم بعضاً منها لا جميعها، فكم للشيخ -رحمه الله- من آثار في نشر وتوزيع الوسائل الدعوية من الأشرطة والكتب والرسائل وغيرها، نسأل الله أن يجزيه عنها خير الجزاء ويجعلها له صدقات جارية، اللهم اغفر له وارحمه، اللهم اغفر له وارحمه، اللهم اغفر له وارحمه، آمين آمين آمين.