ويذكر الباحث في تاريخ منطقة تبوك د. مسعد العطوي، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- اختطه بيده الشريفة عند بئر كانت هي المصدر الوحيد للماء في المنطقة، حيث أقام الرسول في تبوك عشرين يومًا، وأدى الصلاة جماعة مع أصحابه في هذا المكان الذي عُرف بعد ذلك بمسجد الرسول طوال مدة إقامته، إلا أن بعض الباحثين سمّوه مسجد «التوبة» نسبة إلى سورة التوبة التي نزلت عقب غزوة تبوك، الذي بقي على هذا المسمى حتى وقتنا الحالي.
الملك فيصل
وقال: إن مسجد التوبة من المساجد التي بناها الخليفة عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- في عام 98هـ، وكان عبارة عن سور تحيط به بعض المواقع، وجدد بعد ذلك عدة مرات إلى أن زاره الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- عام 1393هـ، فأمر بإعادة بنائه من جديد على طراز الحرم النبوي الشريف، وتم ما أراد خلال عام واحد، وظل على حاله حتى اليوم مع العناية التامة به من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف، ويتسع لثلاثة آلاف مصل.
نواة المدينة
وأضاف: يعتبر المسجد هو النواة التي تشكّلت منها مدينة تبوك بأحيائها وأسواقها، حيث ظل حجاج الشام يستقرون حوله في رحلتهم لأداء فريضة الحج وعند عودتهم، لما يشكّله من معلم هام، تجاوره قلعة تبوك التي كانت هي الأخرى ذات أهمية، ومعلمًا من معالم المنطقة القديمة، وإلى القرب منه تقع أقدم أسواق منطقة تبوك المسماة حاليًا «الجادة»، تلك الوجهة الاقتصادية لأهالي المنطقة منذ 200 عام، مشيرًا إلى أن زائري تبوك يحرصون على زيارة «مسجد التوبة»، ومشاهدة ما يحويه من موروث حضاري قديم، ومعالم وذكرى ارتبطت بالسيرة العطرة لنبي الرحمة والهدى عليه الصلاة والسلام.
مكانة حضارية
يُذكر أن دارة الملك عبدالعزيز وثقت المكانة الحضارية والتاريخية والدينية لمنطقة تبوك، حيث يعود وجود المدينة إلى ما قبل 500 سنة قبل الميلاد، وحدثت بها غزوة تبوك التي تُعد آخر الغزوات التي خاضها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في رجب عام 9هـ، بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر، وكانت ممرًا للقوافل التجارية من الجنوب للشمال.