هناك جوانب كثيرة في أفكار وآراء أفلاطون تحديدا في جمهوريته بعضها مثير للشك، وبعضها مثير للغرابة، وبعضها الآخر مثير للاشمئزاز، فلنأخذ على سبيل المثال دعوته لأن تكون النساء مشاعا للفلاسفة الذي يرى أنهم الأكفأ لقيادة دفة الجمهورية، معللا ذلك بأن الفيلسوف لا ينبغي أن يلتزم تجاه امرأة واحدة لأن ذلك سيلهيه عن مهامه القيادية، ومن الطريف جدا أن يتم عرض أفلاطون سواء في بعض المواقع المعرفية كمناصر للمرأة إذ لا يرى فرقا بينها وبين الرجل!
كما أن قوله بحصر الحكم والقيادة على الفلاسفة به شيء من المبالغة الخيالية، فأفلاطون الذي يؤمن بوجود الخير والشر في كينونة الإنسان يرى أن الحاكم الفيلسوف لا يبتغي من حكمه إلا المصلحة العامة، فهو يزهد بنفسه عن حاجات الدنيا وملذاتها، سؤالي: من يضمن لنا ذلك؟ ففي النهاية.. الفيلسوف إنسان أيضا!
وعند ذكر العدل والمساواة في جمهورية أفلاطون، نستحضر بعض الأسس التي وضعها، إذ تأتي واحدة منها بسلطة الحكومة على عقود الزواج، فللحكومة الحق الكامل في تحديد من يستحق الزواج بناء على توقعاتها بأن هذين الزوجين سينجبان ذرية موهوبة! وإن أنجبوها فليس لهم حق تربيتها بل العكس تقوم الحكومة بأخذ كل الأطفال بعيدا عن أحضان أسرهم لتربيتهم تربية فاضلة كما يعتقد! لا يبدو لي العدل في هذا، كما أنه لا يبدو لي أيضا في دعواه لقتل الأطفال إذا تبين أنهم معلولون وغير أصحاء.
وبمبدأ شيوعي بحت يرفض أفلاطون ممارسة التجارة في جمهوريته لأنها ستمكن الفرد من أن يجمع الثروة من خلالها، وبهذا يختل مبدأ المساواة والعدل بين الناس، ولا أدري أي عدل قد يحل بمنع الأشخاص الناجحين في تجارتهم من أجل آخرين قد لا يحظون بهذا النجاح!
كان أفلاطون رمزا عظيما في ميدان الفلسفة، إلا أنه في الجانب السياسي يظهر فشلا ليس بالهين، ونزعة ديكتاتورية واضحة.
@naevius_