قال د. إبراهيم الشبيث: الدراما في المنطقة الشرقية امتداد للحركة الفنية والثقافية النشطة منذ عقود، وزاخرة بالفنانين والأدباء والمثقفين، ويجب أن نسأل أنفسنا لماذا المتقدم فنيا تأخر في هذه المرحلة وما أسباب ذلك؟ لا بد أن نشير إلى أن الجيل الذي كانت تحركه الموهبة والتفاني في إشباع الهواية بغض النظر عن الدعم المادي قد انحسر، وهذا طبيعي في ظل التطور وتغير نمط الحياة، لا بد من جسر الهوة وتوجيه البوصلة نحو الدعم الرسمي، واستقطاب المواهب ونفض الغبار عن جيل الرواد والاستفادة من خبراتهم وروحهم في العمل؛ لمواصلة التقدم وتلافي ما يمكن تلافيه من إهمال.
وأضاف: الفن هنا ليس وليد الساعة بل متجذر مستلهم من حضارة وثقافة ابن المنطقة، ومن الكياسة استثماره، فكل تفوق وتميز لأي منطقة له نكهة وذوق لا يمكن إلا أن يكون جميلا، وهذا الجمال والتميز لا شك أنه يصب في صالح الوطن الكبير، لاعبا دوره الجمالي كشدة الورد عندما تزدان بألوان مختلفة فتبدو أكثر جمالا وتميزا.
البيوت الفنية
وذكر الفنان راشد الورثان أنه عندما نتحدث عن الدراما في المنطقة الشرقية، يجب أن نذكر للأمانة التاريخية جمعية الثقافة والفنون، ومحطة تليفزيون الدمام وقبلها تليفزيون الظهران، وقربها من دول الخليج التي كانت تشاهد قنواتها وأعمالها التليفزيونية والمسرحية، هذه البيوت الفنية الثلاثة في المنطقة الشرقية والانفتاح على دول الخليج في تلك الفترة كان لها دور كبير وبارز في تنشيط الحراك الفني والثقافي والدراما في المنطقة الشرقية، ما نتج عنه مواهب شابة مميزة تملك رؤية فنية جيدة ومختلفة، إن كان عن طريق المشاهدة أو المشاركة، فالشرقية تعتبر ثرية وظروفها ساعدت على أن تجعلها تسبق كثيرا من مناطق المملكة من خلال المشاهدات والمشاركات في المجال الفني.
تليفزيون الدمام
وأضاف: تليفزيون الدمام عندما كان ينتج الأعمال الدرامية كان بمثابة بيت للفنانين، أنتج عددا كبيرا من المسلسلات والسهرات الدرامية والبرامج التمثيلية مثل «كلمة ورأي»، وكان هناك حراك طويل لجميع الفنانين في المنطقة «التليفزيون والمسرح بالجمعية»، وهذا الحراك على مدار العام نتجت عنه مواهب وتجارب وإمكانات وخبرات لدى جميع فناني تلك الحقبة، وتطورت أدواتهم الفنية سواء في الكتابة أو التمثيل أو الإخراج، وهناك أسماء معروفة كثيرة وكبيرة شقت طريقها على المستوى المحلي والخليجي والعربي.
وعندما توقف التليفزيون في المملكة عن الإنتاج، كان من الطبيعي أن يتوقف أيضا تليفزيون الدمام، حيث تم تكليف مؤسسات خاصة للإنتاج الدرامي، لذلك والكل يعلم أن مؤسسات الإنتاج في المنطقة الشرقية لم تكن تحصل على دعم بشكل متواصل، وهذا تسبب في توقف كثير من الفنانين وتعطل الإنتاج في المنطقة الشرقية، رغم وجود الخبرات والأسماء المتوهجة في تلك الفترة، كانت هناك محاولات لبعض المؤسسات «للإنتاج المتوفر»، والذي يكون بدون دعم وبدون ضمان شراء العمل، وتسببت هذه الخطوة في خسائر كبيرة، وتوقف بعض المؤسسات عن العمل، المنطقة الشرقية ثرية جدا بالمواهب سواء في التمثيل أو الكتابة أو الإخراج، نعم هي بحاجة لدعم مالي متواصل، ومؤسسات إنتاج تحمل على عاتقها مسؤولية الإنتاج المحلي بشكل عام لتمثيل المنطقة والمملكة، وأعتقد أن هذا أصبح في الفترة الحالية مطلبا لإتاحة الفرصة للجميع من باب التنوع الفني في مختلف مناطق المملكة.
أعمال خالدة
الممثل فهد الشويفعي قال: المنطقة الشرقية ثرية بالمواهب الفنية، فيها الممثل والمصور والمخرج والسيناريست، وإمكانيات تؤهلها للمنافسة بشكل كبير إلا أنها لم تستثمر، وأتمنى أن يوجه السؤال للمنتجين في الشرقية، فهي تمتلك كل مقومات العمل الفني الناجح، وهناك أعمال خالدة في الدراما الشرقيه مثل «خزنة» و«حامض حلو» و«الدوائر» وهناك المسلسل الأحسائي «مجاديف الأمل» الذي تسابقت القنوات على عرضه، وهذا العمل تم تصويره في الأحساء للمخرج عبدالخالق الغانم، وهناك مسلسل «شرباكة» للمخرج علي الشويفعي، تم عرضه على القناة الأولى السعودية، فالمخرج السعودي موجود ولكنه بحاجة إلى فرصة تؤمن به وبقدراته، والفنانون موجودون مثل الفنان عبدالمحسن النمر وإبراهيم الحساوي وبشير غنيم وسمير الناصر وغيرهم من الفنانين من الشرقيه، لهم تاريخ فني كبير، وأتمنى الاهتمام بالدراما في المنطقة الشرقية؛ لوجود كل المقومات التي يجب استثمارها وعدم تجاهلها.
خوف المنتج
الممثل ميثم الرزق ذكر أن هناك إمكانيات كبيرة للدراما في المنطقة الشرقية، من فنانين وفنيين وأيضا كوادر عديدة في مجال الإنتاج والإخراج، وغيره مما يحتاجه إنتاج مشروع مسلسل، إلا أن الفرص لم تكن مواتية وغير وفيرة، واعتبر هذا التجاهل ليس عمدا ولكن أعطيت الفرصة لبعض الأعمال في حين أخفقت في أعمال أخرى وذلك أثر سلبا، كما أن المنتج أو صاحب المال يكون خائفا من الاستثمار في شيء غير مضمون، أي غير معتمد من جهة رسمية، وأضاف: أتمنى أن نتجاوز هذه المشكلة في المستقبل، فالشرقية تمتلك إمكانيات عالية وكبيرة تؤهلها للمنافسة والنجاح، لكن تنقصها الثقة والإيمان بها والدعم المادي والمعنوي الذي هو أساس مضي أي مشروع وخروجه للنور.