في كل المجتمعات لابد من وجود فئة بسيطة يمكن تصنيفهم كمستهترين أو لا مبالين لكني بالتأكيد لا أتحدث عن مجرمين، فالمجرم الذي يرتكب جرائمه مع سبق الإصرار والترصد لا يقارن بذلك الذي يرتكب الحماقات أو التصرفات الخارقة للقانون بلا وعي وبسذاجة.
فبعد إعلان المملكة رفع منع التجول التدريجي عن مدنها ومحافظاتها والبدء الفعلي لمرحلة التعايش مع فيروس كورونا ومقاومته بعد حملة توعوية ضخمة، واعتماد سلسلة من العقوبات القانونية على المتهاونين في تطبيق الإجراءات الاحترازية، انتشرت بعض المقاطع والصور في مواقع التواصل الاجتماعي وهي عدد قليل جدا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة - تصورنا كشعب همجي أمي لا يقرأ ولا يتابع الأخبار ولا يدرك معنى القانون أو حجم المشكلة، فيما أن الواقع يتعارض تماما مع هذه الفكرة السلبية المرفوضة جملة وتفصيلا حول مجتمعنا المسلم المحافظ على أعلى معايير النظافة والحرص على طاعة ولي الأمر وتطبيق كل ما من شأنه الحفاظ على النفس والآخرين.
ولم تكن الكارثة الحقيقية في تلك الصور والمقاطع والمشاهد أو وجودها أصلا على أرض الواقع -لأنه أمر متوقع- بل في العدد الهائل من المستخدمين الذين تداولوها على تلك المواقع مع تعليقات غريبة تنم عن سوء تقدير للذات، وجلدها بشكل مبالغ فيه رغم أن العالم بأجمعه يعاني من مشكلة تجاوب كافة فئات مجتمعاته للرسائل التوعوية حول فيروس كورونا!! والمزعج أن مثل هذه التعليقات تصدر من بعض الذين يصنفون أنفسهم «كمثقفين» أو من كنا نعول عليهم أن يكونوا واجهات إعلامية مشرفة لوطنهم.
لقد كان من الأجدر على مصوري تلك المشاهد توجيهها للجهات المختصة مباشرة للمحاسبة وليس نشرها وتشويه الصورة الرائعة لالتزام الفئة الغالبة، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض الفئات كالمراهقين والأطفال لا يمكنهم أصلا استشعار المشكلة أو خطورتها وأبعادها، فكان من الأفضل رؤية اختراقاتهم هذه تصرفات فردية طبيعية في كل شعب وليست تخلفا أو همجية بالفعل.
@maiashaq