ومضت تقول: «أوضح تبون أن تراكم الديون يضر بالسيادة الوطنية وسيضعف موقف بلاده تجاه القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية، مستدعيًا تجربة البلاد السيئة مع خطة التكيّف الهيكلي لصندوق النقد الدولي في التسعينيات».
وبحسب الكاتبة، أشار تبون إلى أنه يفضل الاقتراض من المواطنين الجزائريين، وليس صندوق النقدي الدولي أو البنك الدولي.
وتابعت تقول: «تتضمن حزمة معالجة الأزمة التي قدّمها الرئيس الجزائري تخفيضًا بمقدار 50% في الإنفاق والاستثمارات العامة، وكذلك تخفيض الاستيراد بمقدار 10 مليارات دولار، إضافة إلى توسيع استخدام الخدمات المصرفية من جانب العاملين في القطاع غير الرسمي، الذي يمثل 45% من إجمالي الناتج المحلي».
لكن الكاتبة شككت في فعالية هذه الإجراءات في دعم الاقتصاد الجزائري الهش بالفعل، محذرة من أن الوضع قد يتفاقم.
وأردفت تقول: «تأتي حالة عدم اليقين بشأن مستقبل البلاد المالي وما يصاحبها من خطر على الاستقرار، في وقت صعب للغاية من الناحية السياسية»، مشيرة إلى حالة التراشق السياسي بين الحركة الاحتجاجية السلمية المعروفة باسم «الحراك» وقيادة البلاد، إضافة إلى فقدان التوازن بين الرئيس والجيش وأجهزة الاستخبارات.
ومضت «غانم» تقول: «إضافة إلى الأسباب الأيديولوجية لعدم الرغبة في الاقتراض من صندوق النقد الدولي، يرتبط اسم صندوق النقد الدولي في الجزائر بذكريات مؤلمة».
وأشارت إلى أن الأزمة الاجتماعية - الاقتصادية التي أعقبت انخفاض أسعار النفط في الثمانينيات تسببت في حدوث أعمال شغب في أكتوبر 1988.
وأوضحت أنه بالنسبة للجزائريين وصناع القرار، فإن الانهيار الاقتصادي للبلاد وخطة التكيّف الهيكلي لصندوق النقد الدولي كانا مرتبطين بالتقشف وفقدان السيادة.
ونقلت عن سياسي جزائري، قوله: «حين قبلنا بخطة التكيف الهيكلي في التسعينيات دون شروط، كانت بمثابة علاج بالصدمة. دفع الجزائريون ثمنًا باهظًا مقابل هذه الخطة، ولا نرغب في حدوث ذلك مرة أخرى. لقد تعلمنا من أخطائنا».
وتابعت الكاتبة تقول: «بالنسبة لغالبية الجزائريين الذين عاشوا سنوات التسعينيات، كانت خطة التكيّف الهيكلي تعني التقشف وارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية وزيادة البطالة وتدهور أوضاع الطبقة المتوسطة وزيادة تهميش الفقراء».
ولفتت إلى أن هذا الوضع أفقر الطبقة المتوسطة وأثرى الطبقات الريعية في البلاد، مثل ملاك الأراضي والتجار.
وأضافت: «تسببت إعادة هيكلة الشركات الحكومية غير الكفؤة في عمليات تسريح هائلة للعمال أدت إلى تصاعد نسب البطالة. كما تفاقمت أزمة السكن كثيرًا أيضًا، واضطرت الدولة للتخلي عن سياستها الاجتماعية، بالرغم من وجود 1.5 مليون مشرد بسبب الوضع الأمني».
ولفتت إلى أنه منذ انهيار أسعار النفط في منتصف 2014، ترددت السلطات في تخفيض الإنفاق والإعانات الاجتماعية، وراهنت على تعافي أسعار النفط، لكن مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط في مارس الماضي، بات الوضع أكثر صعوبة.
وأردفت تقول: «نظرًا لاعتمادها على النفط والغاز اللذين يمثلان 95% من إيرادات صادراتها، تواجه الجزائر ضعفًا شديدًا إزاء تقلبات أسعار النفط. وبهذا، كان أداء اقتصادها ضعيفًا حتى قبل انهيار أسعار النفط في مارس 2020 وظهور وباء كورونا».
وتابعت: «لإدارة الأزمة الصحية وتعويض التراجع الحاد في إيرادات النفط، لجأت الحكومة للسحب من احتياطياتها من العملات الأجنبية، ومن المرجح أن تواصل القيام بهذا مع استمرار تفشي الوباء».
وأردفت: «على مدار السنوات الست الماضية، تم استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية بشكل كبير، لتنخفض من 194 مليار دولار عام 2013 إلى 62 مليار دولار فقط عام 2020.
ووفقًا لوسائل إعلام محلية، ستنتهي احتياطيات العملات الأجنبية بحلول عام 2021». وحذرت الكاتبة من أن التباطؤ الحاد المتوقع في النمو الاقتصادي في الأشهر المقبلة سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة وانخفاض الدخل، بما قد يعيد الاحتجاجات إلى الشوارع.