الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي جعل هذا العيد لنا فيه أفراحا، كان أعظمها فرحة التمام بعد البلاغ والتوفيق والختام، فيستذكر المرء نعمة الله عليه أن بلغه شهر الصيام فيفرح، ثم أن أعانه فيه على أن أدى ركنا من أركان الإسلام بالتمام فيفرح، ثم يتذكر ما ينتظره من غنائم الأجور والفضائل فيفرح، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- قد قال (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه) فالمؤمن يوم العيد يفرح بالفطر بعد المنع، ويرجو الفرحة الأخرى، رزقناها الله وإياكم، فهذه فرحات لها خصوصيتها ودوامها في قلب كل مؤمن، ثم تتابعت علينا موجبات الفرح في بلادنا المباركة بما سمعناه أولا من بشائر فاضت بها كلمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ثم بما انفرج عنها من قرارات إذ من الله علينا بغلبة التعافي من جائحة الوباء، والاتجاه بالتخفيف من آثارها بالتدرج المنجي بعون الله، ولقد كان فجر اليوم الثالث من أيام العيد فجرا تجدد الأفراح في بلادنا بأنباء قادها خبر قرب عودتنا للصلاة في بيوت الله بعد أن ألجأتنا الضرورة لأدائها في البيوت، فانتشر الخبر وتلقفته القلوب بالفرح والألسن بالدعاء والجوارح بالسجود شكرا لله تعالى على نعمه التي لا تحصى، وعلى ما وفق ولاة أمرنا أن واجهوا هذه الجائحة بكل ما أوتوا من قوة ومن إجراءات ها نحن ننعم بنتائجها تترا، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، فبعد شكر الله الواجب دوما، فإنه حق علينا من شكر الله أن نشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله ورعاهما-، كما نشكر كل من أعان على تحقيق هذه النعمة التي سنعيش بفضل الله تحت ظلالها بصحة وعافية وأمن واستقرار، ولعلنا مع مشاعر الفرحة والشكر نذكر بأمر لتكون فرحتنا مستمرة بإذن الله، وهو أن نعلم أن الأمر من حولنا ما زال ينذر بالخطر، وأننا لا بد أن نكون منه على حذر، فلا أشد في المعارك بعد ظهور انتهائها ولم تنته بعد، من أوبة كرة العدو ورجعته، فإن سطوتها أشد حين تجيء على حين غفلة، فالله الله أن يؤتى المجتمع من قبلنا، ولنستمر باتباع ما تمليه ضرورة الحال من أحكام وأحوال، والتقيد بتوجيهات كل جهة مسؤولة بحسب ما سنستخدم من ميدانها، فالمساجد نأتيها بلا ازدحام ولا إهمال، ونتقيد معها بالتعليمات المنجية والاحترازات اللازمة، وكذا كل الميادين الأخرى من دوائر حكومية وأسواق وغيرها، حتى يؤذن بانتهاء الوباء وانحسار آثاره وقريبا بإذن الله، ولنحذر أشد الحذر من التأثر بتلك الأنباء التي تستهدف الاستخفاف بهذا الداء، وتعلق حدوثه بمؤامرة دول أو منظمات، فما لنا ولهم وما يظنون ونحن نعيش واقعا قد جند ولاتنا لمواجهته بتوفيق الله جند الأمن والصحة وغيرهم، وقد مس من أحبابنا وأقربائنا ومن نعرف ومن لا نعرف ما لا نحتاج معه إلا إلى صدق توكلنا على ربنا بالأخذ بالأسباب المشروعة والحذر والاستمرار بمواصلة التعاون مع ولاة أمرنا وفقهم الله والجهات المسؤولة، ولتستمر أفراحنا بفضل الله القائل (قل بفضل الله وبرحمته فبذٰلك فليفرحوا) والله المسؤول المرجو أن يحفظ علينا وعلى جميع المسلمين ديننا، وأن يكتب من الوباء نجاتنا، ومن الفتن سلامتنا، وأن يعيد علينا العيد ونحن وبلادنا وولاتنا بخير وعافية ومعافاة وأفراح والحمد لله رب العالمين.