وتحضرنا دائما المقولة الشهيرة التي تقول (تفاحة واحدة في اليوم تغنيك عن زيارة الطبيب)، فإذا كان للتفاح استخدامات صحية في كونه يقي الجسم من أمراض متعددة يصعب حصرها هنا فإن له أيضا ذلك المنظر الجذاب وهو في الشجرة سواء كانت التفاحة حمراء أو خضراء حلوة أو حامضة !
وفي كل صيف نرى بلادنا كيف تطغى فيها الفواكه في المناسبات وتطفح عصائرها في الجلسات وكم تسمع حينها من عشاق الموعظة بكيفية تناولها قبل الأكل أو بعده.
لقد دخلت التفاحة منذ القدم علم الأساطير من أوسع أبوابه ودعت آلهة الرومان واليونان إلى جعلها عنوان خير مرة وعنوان شر مرة، وتمثلوا بها في رواياتهم وتغنوا بها في أشعارهم، ففي العقيدة النصرانية مثلا كانت شجرة التفاح عندهم هي المحرمة على آدم وزوجه في الجنة حسب تأثير الأساطير الخيالية في مروياتهم التي كان منها تفاحة بياض الثلج إذ حينما أكلتها دخلت في سبات عميق بواسطة زوجة أبيها الساحرة...
وما تفاحة الجاذبية المنسوبة إلى إسحاق نيوتن إن صدقت أسطورتها إلا إحدى أكثر القصص الشائعة التي تم تداولها بالمدارس.
وإذا أضفنا إلى ذلك تلك التفاحة المقضومة التي تظهر في شعار شركة أبل الأمريكية التي تعمل على تصميم وتصنيع برامج الكمبيوتر والإلكترونيات، حيث استطاعت أن تحدث انقلابا هائلا في وسائل الاتصالات وثورانا ضخما في عالم التكنولوجيا خلف وراءه حزمة من التوترات التجارية الساخنة بين عملاقي تلك الصناعة أمريكا والصين.
فالولايات المتحدة تخشى من خسارة موقعها العالمي الأول ولهذا وقفت أمام مد الهيمنة الصناعية الصينية المتسارعة حتى ولو كان الثمن غاليا.
والصين التي حققت في سنوات معدودة في مجال التنمية ما حققه الغرب خلال قرون من حين تحولت من المركزية المحلية إلى الانفتاح حققت نموا اقتصاديا متسارعا وغير مسبوق وخاصة في مجالي الاستثمارات والصادرات الأمر الذي جعلها الدولة الوحيدة التي استطاعت زعزعت العرش الأمريكي.
ولعل شبكة الجيل الخامس التي يراها الخبراء المخلوق الصيني العجيب (الرجل الآلي) الذي سيتحكم في الحاسبات والإلكترونيات وجميع وسائل النقل وسائر الأجهزة وقد يحول الفضاء إلى ساحة معركة بواسطة تلك الروبوتات المبرمجة سلفا !
ومن هنا فلا غرابة كلما اشتد الصراع بينهما واتسعت رقعة التراشق بين الطرفين وحلفائهما من حين أطلت الفتنة برأسها من أجهزة هواوي الماضية حتى جائحة كورونا القاضية وكأننا نشاهد معركة عن بعد ملعبها طاولة شطرنج تلعب من خلال ألياف الرأسمالية وعبر نظارات الواقع الجيوسياسية وعلى مرأى ومسمع من حلفاء ذلك الجيل الخامس !