إن التصنيفات تضع حدودا للإنسان قد «تقترح» ألا يتعداها وهذا ما نراه في اختبارات الشخصية مثلا التي تصنف الشخص في انتماءه لمجموعة أو أخرى حتى نعزز في جميع معاملاتنا التالية لهذا الصنف ونؤكده مرارا.
أحد أبسط التصنيفات الدارجة هي إن كنّا انطوائيين (introvert) أو منفتحين (extrovert) على الناس. هل أنت هذا أم ذاك؟ حدد موقفك! اكتشفت عبر السنوات أن هذا التصنيف الذي يبدو في ظاهره بسيطا ليس كذلك. يفترض أن الانطوائي هو الذي لا يفضّل مخالطة الناس ويحب أن يكون بمفرده بينما المنفتح هو شخص اجتماعي يفضّل أن يكون مع الناس جل وقته. هل تعرفون أناسا واضحين تماما بهذا الشكل تنطبق عليهم هذه الصفات بشكل مستمر؟ عن نفسي لا أعرف أحدًا كهذا. عدا التصنيفين السابقين فإنه يوجد تصنيفان آخران هما (ambivert) و(omnivert) حيث إن الأول هو شخص يقع بالضبط في المنتصف بين الانطوائي والمنفتح، والمصطلح الآخر يقصد به شخصا يتحلى بصفات أحد النوعين في حالات محددة. وإن كنت تعتقد أن كلا من التصنيفين الأولين واضحين لعلي أعقد المسألة قليلة بذكر أنه حتى الآن تم تحديد أربعة أنواع للانطوائيين وقد يزيدون.
مع كثرة التصنيفات التي تظهر وتداخلها مع غيرها تصبح الحدود ضبابية وتفقد معناها. إذن ما داعي كل هذا؟ بالنسبة لي فإن تصنيف الانطوائي والمنفتح يساعدني في فهم نفسي. قد أكون في ظاهري اجتماعية ولكن الاجتماعات تتعبني وتستلزم فترة نقاهة بعدها وإن استمتعت بالرفقة، وهذا لا ينعكس على مشاعري تجاه من كنت معهم بل هي طبيعة بدأت فهمها. ولكنني أيضا أستمد أكبر حافز إبداعي من لقاءاتي بالناس والحوارات الممتعة التي تشعل أفكاري كالألعاب النارية. لكن لو سألتني ماذا أفضل قد أذكر أمسية هادئة برفقة كتاب.
حياتنا امتداد ونمو ورحلة مستمرة في محاولة فهم أنفسنا مرارا وتكرارا. لا توجد إجابات صحيحة أو خاطئة ولكن اكتبوا تصنيفاتكم بقلم رصاص لتمسحوها وتستبدلوها عبر السنين.
@sssolaiman