وتعتمد الهيئة نهجا مستداما في تنفيذ إستراتيجيتها، التي تشكل إعادة النمور العربية جزءا من خطتها الرئيسية الثالثة فيها، إذ تصنف شرعان منتجعا طبيعيا بفضل خصائصها الجيولوجية والطبوغرافية والبيئية، ويستهدف هذا العمل -إضافة إلى ثلاث خطط رئيسية أخرى تضمنتها إستراتيجية الهيئة- جعل محافظة العلا وجهة عالمية للثقافة والتراث الطبيعي والسياحة البيئية، توفر للزوار تجربة مميزة ضمن مشهد عربي عريق يتعايش فيه الزوار والسكان مع التاريخ البشري والثراء الطبيعي.
النقوش الحجرية
وقال مدير المحميات الطبيعية أحمد المالكي: «لو نظرت إلى النقوش الحجرية المتعددة في منطقة العلا ستكتشف التاريخ الطويل الذي تعايش فيه البشر والنمور، بل ومختلف أنواع الحيوانات البرية مع بعضهم البعض في المنطقة، ورغم أن هذه العلاقة لم تزدهر في الماضي فإننا على يقين بأن الطبيعة والإنسانية قادرتان على التعايش معا، إذ إننا نقوم بإعادة إنشاء منطقة طبيعية ونقية مشابهة لما كانت عليه سابقا لتشكل جزءا من المتحف الحي الذي نقوم ببنائه في العلا، وسيجذب هذا العمل الزوار من جميع بقاع العالم؛ ما سيسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما سندرب السكان لكي يشغلوا عددا من الوظائف المهمة مثل الحراسة والتعليم والتوجيه السياحي وغير ذلك، ما يضمن استدامة هذه المحمية الطبيعية للأجيال القادمة».
حماية الغزلان
ويرى مدير عمليات إكثار الحيوانات في المحميات الطبيعية بالهيئة الملكية لمحافظة العلا فرانك ريتكيرك أن الخطوات التي سبق وخطتها الهيئة في مجال حماية الغزلان تشهد على نجاحها فيما يتعلق باستعادة الطبيعة البرية في منطقة العلا بعدما ألحق الرعي الجائر فيها وبعض النشاطات البشرية الأخرى الضرر باستقرارها البيئي.
وأضاف: «سنعمل على إعادة توطين أحد أكثر الحيوانات المفترسة فتكا بالغزلان وهو النمر العربي المهدد بالانقراض، فعلى عكس ما تشتهيه الغزلان والوعول فإن خطط استعادة النظام البيئي بالكامل تعني بأن حياتها لن تكون آمنة كما هي في حدائق الحيوان، فالنظام البيئي يمثل سلسلة غذائية كاملة فيها كل من المنتجات، والمستهلكات، والمفترسات العلوية، إذ كان النمر العربي سابقا واحدا من الأنواع الأصلية التي سكنت العلا، ووجوده يمثل جزءا من التنوع البيئي والتاريخي للمنطقة».
عشرة مواقع
وتحدث أحد أعضاء فريق الطبيعة في الهيئة الملكية لمحافظة العلا عبدالعزيز العنزي، عن مغامرة نشر وتركيب كاميرات المراقبة قائلا: «حددت بانثيرا عشرة مواقع أساسية في المملكة يحتمل احتضانها لآخر النمور المتبقية، وكان علينا الذهاب إليها سيرا على الأقدام حاملين معنا هذه الكاميرات، حيث بقينا هناك لأربعة أيام مع زملائنا من بانثيرا والهيئة السعودية للحياة الفطرية، ثم مشينا إلى أماكن بعيدة واخترنا أفضل المواقع لنصب الكاميرات الخاصة من أجل التقاط صور لمختلف أشكال الحياة البرية، مع التركيز على تصوير النمر العربي، ووجدنا أن المملكة ما زالت إلى الآن موطنا لأنظمة بيئية مفعمة بالحياة».