أحيانًا ترى الأخطاء، تشاهدها جيدًا، وربما.. ترفضها في محيطك الصغير وداخل أسوار أسرتك، وتتعمّد أو تتجاهل الخوض في تفاصيلها، ولا تضع لها خارطة للطريق، لعدم تكرارها وتبيان خطورة هذا التصرف السيئ، والسلوك الذي هو أقرب إلى انعدام الضمير، وذلك لأنك ارتكبتها وعملت بها، وتريد المجتمع أيضًا أن يشاركك ويخوض التجربة، حتى أصبحت تحرص على ألا ترشدهم للصواب.
أنت، وأنا، وغيرك، من أبناء جلدتي ومجتمعنا، مدانون بجرائم ارتكبناها عمدًا، بسبق الإصرار والترصد، فالفساد أيًا كان نوعه وشكله وحجمه، انطلق منا.. ونحن مَن أضاف إليه الشرعية، وأسبغ عليه أسماء، خفّضت مستوى الضجيج، وكمّمت كثيرًا من الأفواه، حتى بدا الانتقاد ذنبًا وجرمًا يُحاسب عليه صاحبه.
نحن نكتب عن الحب، ونكره كل مَن حولنا، نتغنى بالعدل والمساواة ونظلم مَن هم تحت أيدينا، نتباهى بالأمانة وحقوق الناس ونحرص على سلبها، حتى المال العام البعض يعتبره هبة متى ما سنحت له الفرصة للاستيلاء عليه لا يتوانى في ذلك.. والواقع مليء بالأمثلة.
نحن أيضًا مَن يحتضن ويعتني بفساد الرأي والفكرة، ويتبنى دفاعًا مستميتًا عنها، لا لشيء، إنما لخلل بعمق الشخصية، وضياع الثقة التي ورثناها من أجيال سبقتنا بقليل.
هكذا تسير مجتمعاتنا، ونحن أساس الانحدار الهائل لقيمه ومكتسباته السابقة؛ لأننا منشغلون بسرد الماضي وانتصاراته، نتغنى بها ونتجادل فيهم، حتى نصل للتباغض فيما بيننا لخلافاتهم السابقة، والتي ماتت معهم واندثرت، لنحييها بمزاجية وازدواجية، حتى أوّلنا نياتهم.
هي حياتنا نعم، لكن أفكارنا صنعت لنا، وفصّلت على مقاساتنا، ووجّهنا لما يريدون، وفعلت لنا جميع الطرق، حتى ندور في فلك ما يمكرون، ونبقى كما يريدون لا ننهض من سباتنا، ونكمل كبوتنا، ونكون تبعًا لهم، لتكون عقولنا تحت سيطرتهم، حتى تصبح إرادة التميز والفهم، ملغاة تمامًا لدينا، ألم تلاحظ أنني أتكلم عن المؤامرة؟ فأنا مثلك مزيف.
@kha9966