هؤلاء المطبعون يسيرون بمسارين:
مسار يرى وقوعه في الفساد طبيعيا لأنه يفعل الخير، والمشكلة حتى الخير الذي يفعله، لا يقوم به إلا مقابل مصلحة، فيرى من صلة الرحم والقضاء على البطالة أن ينفع معارفه وأحبابه وأقاربه من أموال الدولة، فالحكمة الموظفة توظيفا سيئا تقول: «من ليس فيه خير لجماعته لا خير فيه لأحد»، رغم أنه لو فكر قليلا لأدرك أن صلة رحمه ونفع بمعارفه كان الأولى أن يطبقها في ماله ومال أبيه، لا في المال العام الذي سيقف أمامه كل من له حق فيه كخصم، وأعانه الله على ذلك.
جماعة المسار الآخر يرون أن فسادهم طبيعي لأن غيرهم يفعل الفساد، ففسادهم مبرر لأنهم لم يأخذوا إلا الجزء الأصغر من الكعكة أو الخروف، وتساهلهم في أعمالهم مبرر لأنه لم يجدوا التقدير الذي يستحقوه، وتعامل أحدهم بخبث وكذب وأساليب ملتوية مبرر لأن من أمامه يسلكون نفس الطرق.
أيا كانت المبررات على مطبع الفساد أن يسعى في تحرير نفسه من مستنقع الفساد، فمهما عمل من خير وهو في المستنقع، سيظل هذا الخير ملوثا، والتاريخ لا يرحم والديان لا يموت.
shlash2020@