وجاءت تلك الفرحة العارمة بالنظر إلى أن الترجي هو الممثل الوحيد المتبقي في التصفيات من محافظة القطيف، بعدما كان النور آخر فرقها المودعة، بالإضافة إلى أن هذا الصعود قد أنهى معاناة استمرت لعدة أعوام عقب هبوط الفريق من دوري الدرجة الثانية.
السوشيال ميديا تشتعل
الأحاديث في وسائل التواصل الاجتماعية وللمرة الأولى تناست كورونا في القطيف منذ بدء قصتها، لتتغنى بـ «البحارة» وإنجاز صعودهم، فقد أثرى عشاقهم «السوشيال ميديا» بالصور والفيديوهات والأشعار والذكريات، مما قاد المهتمين بكرة القدم في المنطقة الشرقية ككل للتفاعل معهم وتقديم التهنئة بهذا الإنجاز الذي عاش محبو الترجي الأمرين حتى إعادة تحقيقه من جديد.
صائد الإنجازات
الحديث عن الترجي يعني الحديث عن صائد الإنجازات والمدرب الوطني المميز رضا الجنبي، الذي يعشق التحديات، ويجيد التعامل جيدا مع الظروف الصعبة، وبالخصوص في مراحل الحسم التي تتطلب الكثير من الحنكة والدهاء.
الجنبي الذي قاد العدالة في الموسم الماضي لدوري المحترفين السعودي، وفي سابقة تاريخية قاد الثقبة في نفس الموسم للصعود لدوري الأمير محمد بن سلمان لأندية الدرجة الأولى لكرة القدم وللمرة الأولى في تاريخه، عاد ليقود كتيبة البحارة نحو تحقيق إنجاز كان قريبا جدا من التحقق في الموسم الماضي لولا توقفه في الأمتار الأخيرة، ليخبر لاعبيه بلغة الواثق بأن الموسم الجديد سينطلق من دور الـ 8 في تصفيات دوري الدرجة الثالثة المؤهلة لدوري الدرجة الثانية، وهو ما تعاهد نجوم الترجي على تحقيقه، ليقدموا مستويات مميزة جدا منذ انطلاقة التصفيات النهائية، حيث تفوق على النعيرية أحد أبرز الفرق المرشحة في ذهاب دور الـ 32 بهدفين مقابل هدف واحد ليتعادل معه سلبيا في لقاء الإياب، ليتأهل لملاقاة المزاحمية في دور الـ 16، فتعادل معه بهدف لمثله خارج أرضه، قبل أن يتفوق عليه بهدفين نظيفين على أرضه.
وكان الترجي ينتظر أن يلاقي اللواء في الدور الربع نهائي، قبل أن يتأجل اللقاء بسبب جائحة كورونا التي ضربت كافة دول العالم، وتسببت في توقف العديد من الأنشطة ومن أبرزها النشاط الرياضي.
الجنبي لم يعمل وحيدا، وكان إلى جواره المدرب الوطني أمير جلال الذي شكل معه ثنائيا متجانسا، كانت له بصمة بارزة على أداء الفريق الفني المدعم بالروح القتالية العالية، كما تواجد برفقتهما مدرب الحراس عصام العبيدي، الذي تخرج على يديه العديد من الحراس البارزين في محافظة القطيف، حيث كان مكملا لعمل الثنائي الجنبي وجلال، خصوصا وأنه يتميز بقربه من اللاعبين وبحماسته العالية التي تفاعل معها اللاعبون، وحفزت القتالية لديهم داخل أرضية الملعب.
جماهير الرعب قادت مركب البحارة
يلعب الحضور الجماهيري دورا كبيرا في تحفيز الفريق وقيادته لتحقيق الإنجازات، وجماهير الترجي كانت الرقم الأول في تحقيق إنجاز الصعود من جديد، فقد تناست كل الخلافات، ووحدت رؤاها نحو هدف الصعود لا غيره، فحضرت بكل كثافة خلال المواجهات التي تقام على أرض الترجي، وصنعت الرعب في قلوب الفرق المواجهة بأهازيجها المؤثرة التي كانت محط تفاعل من قبل كافة الحضور.
جماهير البحارة كما تحب أن يطلق عليها، لم تكتف بالحضور في المباريات التي تقام على أرضيتها، بل كانت في العديد من المباريات تفوق جماهير الفريق المستضيف، مما جعلها محط أنظار المهتمين بكرة القدم السعودية، حيث تفاعل العديد من الإعلاميين ومسؤولي الأندية الأخرى مع الحضور المميز لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وتناقلوا الصور والفيديوهات الخاصة بهم، مؤكدين أن العديد من أندية دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين تتمنى أن تحظى بحضور جماهيري كبير ومؤثر كما هو حال جماهير الترجي.
إحسان في القلب
وفي خضم الاحتفالات الكبيرة التي عاشها أبناء الترجي منذ الإعلان عن عودة فريقهم لدوري الدرجة الثانية، لم يغب الرئيس الراحل إحسان الجشي عن المشهد، حيث تمنى الجميع تواجد الرئيس السابق لنادي الترجي، والذي عمل جاهدا من أجل عودة الترجي لأندية الدرجة الثانية، وكان ينتظر اليوم الذي يحتفل فيه رفقة المحبين بعودة قدم الترجي للواجهة، لكن القدر لم يمهله حتى لحظة تحقيق هذا الإنجاز.
سر النجاح
أحد أبرز أسرار نجاح الترجي في العودة لدوري الدرجة الثانية لكرة القدم كان الاستقرار الفني، فبعد أن تعاقد الرئيس الراحل إحسان الجشي مع المدرب الوطني رضا الجنبي، استقر على استمراره رغم عدم الصعود، ليقرر علوي العوامي عراب الصعود الأول ورئيس نادي الترجي في المرحلة الانتقالية على استمرار الجنبي أيضا، حيث كان الفريق على مقربة من الصعود لولا خطأ إداري أجهض الفرحة التي كانت قريبة من البيت الترجاوي، ليكمل الرئيس الحالي للترجي موسى البشراوي خلطة الصعود بإصراره على بقاء المدرب الوطني ومنحه كامل الثقة، إضافة لدعمه الفريق بعدد من اللاعبين أصحاب الخبرة في مثل هذه التصفيات، ليكتمل عقد الترجي، مثمرا عن صعود طالما انتظره عشاق البحارة.