عبير الخليفة التي تدير وتشرف على مرسمها الفني وتدريبها المتتابع في محافظة الرس بالقصيم الغنية بالنخيل والبيئة الزراعية، شاركت في العديد من المعارض الفنية على مستوى المملكة، وقدّمت الكثير من الورش التدريبية التي تناولت عدة فنون من خبراتها المتراكمة، فتعاملها مع النخلة وعناصرها لا يتجاوز جوانب الانتماء أو تركيزات البيئة والطبيعة التي عايشتها وعاشتها بتفاصيلها وبذاكرتها، فهي تبحث لها عن كيان أكبر للتفسير الجمالي الذي يشبه وطنها وبيئتها، وتبحث عن تثبيت القيمة، وتكريم النخلة في جغرافيا، طالما عُرفت بالكرم وجود التواصل، فهي تنتقي قيمها في الخامة، وتركز صقل الفكرة حسيًا وذهنيًا حتى تقدم مشروعها المبني على توظيف التراث والهوية في الحرفة والخامة والمعنى.
اشتغلت مؤخرًا في محاولة فنية كالدروع التذكارية بشكل ذكي، حيث تسرد قصة انتمائها التي تشبه كل سعودي وعربي، فتستدرج ذاكرته نحو مداعبات المشاهد في تشكّل النخلة من ألوانها وأضوائها وظلالها، فالخامة تصقلها من جذع النخلة وسعفها ولحائها، والليف الذي تشتغل فيه يدويًا بالتغليف والقص والدمج والتوفيق بينها، لتفرض حرفة أجدادها بمداها الإبداعي المبتكر الذي تركب فيه اللون، والكادر ذي البعد الثلاثي، بتوظيف خشب السنديان والزجاج، بما يليق وذلك الانتماء في الزخرفة كرمزيات تدقق على التوافق بينها وما تقدمه بتآلفٍ حسّي ذهني ثابت على رؤاه.
كما أنها لا تغفل عن توظيفات تلك الزخارف التي تحيل على انتمائها لمنطقتها في الزخرفة والحياكة والخيوط والنسيج، ولفنها الإسلامي من خلال المساحة التي تمنحها للخط العربي.
أما في تنفيذها للوحات الجدارية فتركز على التفاصيل الدقيقة بشكل أكثر تفصيلًا في القيمة والتفاعل بين الخامات الموظفة، والألوان التي تبني عنصر الانعكاس على المكان والذاكرة، وبين عناصر النخلة في الليف والسعف والكرب والخوص؛ لتتعامل معها بمرونة وحرفية وثبات توظيفي في الرؤية البصرية الأليفة والمثيرة لحواس المتلقي في بيئته التي لا تنفصل عن تراثها العربي الإسلامي في صحرائه، حيث تعرف ملامحه وتفاصيله وتشابهه مع النخلة في شموخها.
■ كاتب في الفنون البصرية