إذن دعونا نأخذ مثالا آخر.. ماذا عن جوال أو جهاز ذي مواصفات عالية وحساسية فائقة؟ هل تعطيه لابنك الصغير ليتسلى به؟ هل تضمن ألا يرجع لك ملطخا ببصمات بقايا طعام أو أن يسلم من الإصابات إثر وقوعه؟ أغلب الظن أنك سوف تصون هذا الجهاز وتحافظ عليه.
في كلتا الحالتين لو أن السيارة أو الجهاز أصابهما التلف فأنت المسؤول أو بالأحرى عديم المسؤولية، لم تقدر ما تملك وتركته يتهالك. أعلم أن المثالين بهما افتراضات وخيال لا يتماشى مع المنطق ولكن ما يحدث بهما هو أمر نفعله بالفعل. وهنا أقصد ما نفعله بأجسامنا تحديدا.
إن الإنسان كائن عجيب يتكون من الروح والنفس والعقل والجسد ولكن يهمني اليوم الجسد وهو بمثابة التعليب لما سبق وممكن لحياتنا. ما زلت أذهل مرارا من الإعجاز الذي يمتلكه كل منا. أجساد تعمل بملايين الإجراءات التي لا يزال العلم يكتشف تداخلها وعملها. في داخل أجسامنا مواد تنتج وأخرى تستهلك وتحولات تعطينا القدرة على الحياة. أجسادنا تمكننا في كل شيء نقوم به ولا تطلب إلا القليل لصيانتها. ولكن حتى هذا القليل أصبح يرهقنا وأصبحنا نهمله رغم أنها في الأخير لصالحنا.
فمثل السيارة التي تحتاج أفضل الوقود نحتاج الغذاء الصحي والنظيف غير المعالج. ومع ذلك نأكل غذاء ذا قيمة غذائية متدنية ومعالجا ومن مصادر مجهولة. لا نعلم ما نأكله من كثرة المنكهات والإضافات التي تطمس قلة الجودة.
أما صيانة الجسم الأساسية فهي في النوم وهنا يرتكب الكثيرون جرائم مزمنة (وأنا منهم) عندما نحرم أنفسنا الراحة إما بغرض العمل أو المتعة فتتراكم علينا الآثار السلبية لذلك مثل فقدان الذاكرة وتدني الصحة النفسية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وحتى السمنة وغيرها الكثير.
رجوعا لمثال السيارة فإن الغالبية منا قد يهتمون بالجانب الخارجي للجسد. كيف نبدو للآخرين وما الشكل الذي يرضينا فيكون هاجسا يدفع بماكينة اقتصادية ضخمة تهتم بالمظاهر. أما الداخل فلا يحصل على نفس الاهتمام رغم أهميته.
نحن مؤتمنون على أجسادنا ومسؤولون عنها فهل نعطيها حقها؟
@sssolaiman