تساؤلي واستنكاري لمنهج (الاجتهادات) و(التناقضات) لم يتوقف. وقد سادت في القطاع الزراعي المحلي، على حساب إنجاز وقيم التاريخ الزراعي والمائي ومورثه المهاري البيئي. فتأسس طغيان (زراعة المصالح) لمن هم خارج القطاع الزراعي. بدأت مع بدية الطفرة الأولى (1975م). حيث (نفضت) وزارة البيئة والمياه والزراعة يدها من مسؤولية (الإرشاد والتنمية الريفية). في وقت كانت الحاجة ملحة لخدماتها. فهل تم استيعاب الدرس؟
جاءت الزراعات العشوائية وتوسعاتها الأفقية في القفار الجافة. الخالية من المياه السطحية. فكان أن لجأنا إلى المخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية. فتحولت مساحات الزراعات التقليدية، عبر القرون، إلى أحياء ومدن عامرة. وإلى الإهمال والتهدم في مناطق أخرى. هذه من مؤشرات التصحر الأكيدة. مؤشرات ما زالت قائمة. تتعاظم وتزيد الطين بلّة.
اليوم.. هل نواجه مرحلة موجة جديدة من الاجتهادات والتناقضات؟ هل نواجه استمرار مد رجال الأعمال والموظفين والمستثمرين؟ لماذا تعمق وتصلب جذر هذا الثلاثي على حساب (الأسرة الزراعية) التي كانت سائدة؟ إلى متى ستبقى الأسرة الزراعية خارج الاهتمام والعناية؟ كيف يمكن إعادة توطينها زراعيا؟ أتحدث عن الزراعة بأشكالها الثلاثة: مزارع، صياد سمك، مربي ماشية.
تغيرت أسماء الوزارة خلال العقود الماضية. ماذا يعني هذا؟ هل تحقق شيء لصالح الأسرة الزراعية؟ حدث انفصال بين الزراعة والماء. فتشكلت للماء وزارة وللزراعة وزارة أخرى. فهل تغيرت الأهداف؟ ثم أصبح الماء رديفا لمسمى آخر غير الزراعة. فأصبحت: وزارة المياه والكهرباء. فهل تغيرت الأهداف؟ ثم عادت المياه الى الزراعة مرة أخرى. باسم جديد هو [وزارة البيئة والمياه والزراعة]. فهل تغيرت الأهداف لصالح الأسرة الزراعية؟
هناك أكثر من قراءة لتعدد الوزارات والتسميات. هل كان الانفصال بين الماء والزراعة حماية لمياهنا الجوفية من جور التوسعات الزراعية الأفقية؟ إذا كان الأمر كذلك.. فهذا يعني الاعتراف بحدوث خطأ استراتيجي. ماذا تم حياله؟ ثم لماذا تحولت وزارة المياه إلى وزارة المياه والكهرباء؟ ما هو الدرس والعبرة؟
أخيرا عاد الماء يرافق الزراعة. لكن بكيان ثالث هو البيئة. فأصبح الماء (محشوا) بينهما. فهل تغيرت الأهداف؟ ما العبرة من جعل هذه القطاعات الثلاثة في وزارة واحدة؟ ما حكمة ومدلول وأهمية الاسم الجديد؟ الماء سبق الزراعة في الأهمية. لكن البيئة أخذت الحب كله. فأصبحت تشكل الأهمية الأولى. هذا يعني الكثير من المؤشرات الإيجابية. فالبيئة تحمل المياه وتحمل الزراعة وتحمل الإنسان الأهم في هذه الحياة. وعليه أقترح أن يكون اسمها القادم: وزارة البيئة.
في ظل ظروفنا البيئية التي تحمل: جفافا دائما؛ قلة غطاء نباتي؛ غياب مياه سطحية؛ ندرة مياه؛ زيادة عدد السكان؛ تعاظم الاحتياجات المائية والغذائية.. يصبح الماء العنصر الأهم.. والأكثر هيبة.. والأعظم حاجة. سبق وقلت: أن يكون الماء محور أي تنمية. السؤال: هل تكون الزراعة.. والبيئة.. والإنسان في خدمة الماء.. أم سيظل الماء في خدمتهم كالعادة؟ هل استوعبتم معنى الإنهاك؟
[email protected]