وتابع الكاتب: قبل ذلك بفترة قصيرة، نشرت مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين صورة لهم وهم يتطلعون إلى خريطة ما يسمونه بيهودا والسامرة وفق الأسماء التوراتية، وهو ما أثار انتقادات من الفلسطينيين والإسرائيليين الليبراليين بأن الصورة تم التقاطها لإضفاء للطابع المؤسسي على نظام الفصل العنصري الرسمي.
انتهاك صارخ
وأشار«بلاك» إلى أن نتنياهو أدلى بتصريحه بعد أن أسفرت 3 انتخابات لحزب الليكود من تشكيل ائتلاف مع خصمه السابق بيبي جانتس، زعيم ائتلاف «أزرق أبيض».
وأردف: بموجب اتفاقهما، الذي يدخل حيز التنفيذ من أول يوليو، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، سيجري اتخاذ خطوات لضم المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية ووادي الأردن بشكل رسمي.
ولفت الكاتب إلى عدم وجود ما يؤكد أن هذا سيحدث بالضبط، موضحا أن احتمالات إعادة انتخاب دونالد ترامب متغير مهم، نظرا للوضع الداخلي المضطرب في الولايات المتحدة، وكذلك أيضا ردود الأفعال من مصر والأردن، الدولتين الوحيدتين اللتين لديهما معاهدات سلام مع إسرائيل.
وأشار إلى أنه إذا جرى المضي قدما في ضم أية أراض، سوف يكون هذا انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعدد لا يُحصى من قرارات الأمم المتحدة.
فرض عقوبات
وأضاف: لا يمكن أن يمر هذا مرور الكرام، حيث ينبغي أن تواجه إسرائيل عقوبات، مثلما فعلت روسيا عندما ضمت القرم من أوكرانيا.
وشدد «بلاك» على أن الأسوأ من ذلك أن هذا الضم سيكون المسمار الأخير في نعش ما كان ينظر له لعقود على أنه الحل الممكن الوحيد للصراع الأكثر تعقيدًا وإثارة للانقسام في العالم، وهو حل الدولتين ذواتي سيادة لشعبين يسكنان الأرض بين البحر المتوسط ونهر الأردن.
ومضى يقول: بصورة متزايدة، يرحب مؤيدو الحقوق الفلسطينية بهذا التهديد الإسرائيلي الوشيك، حيث يعتقدون أنه إذا ساءت الأمور تحسنت.
ونقل عن جدعون ليفي، الكاتب في صحيفة هآرتس، قوله مؤخرا «ليس عليك أن تكون فوضويا أو ماركسيا لترى الفرصة الكامنة في هذه الرؤية المريعة».
حل الدولتين
وتابع «بلاك» بقوله: أكد الناشط الفلسطيني علاء الترتير أن خطوة نتنياهو ستوضح، بشكل نهائي، أن الدولتين مجرد خيال يخدم فقط كتمويه على الضم الإسرائيلي الزاحف الذي كان قيد التنفيذ منذ 1967 وتسارع في العقدين الأخيرين، وأن واقع الدولة الواحدة الحالي كان قائما منذ فترة طويلة.
وأردف الكاتب يقول: يؤكد المناصرون أن الضم سيعني عدم التركيز دون جدوى على احتلال دون تكلفة، وإنما التركيز على نهج قائم على الحقوق والذي سيحول إسرائيل إلى جنوب أفريقيا في عصر التفرقة العنصرية، وإن كانت بعدد متساوٍ من السكان، وليس الأقلية البيضاء التي تمثل 11% التي حكمت من بريتوريا حتى عام 1994، وأن ذلك سوف ينهي الحصانة من العقاب.
وأوضح «بلاك» أنه من الصعب الادعاء بأن حل الدولتين قريب المنال، مضيفا «لم تُعقد أية مفاوضات سلام منذ 2014. في 2008، اقترب إيهود أولمرت ومحمود عباس من اتفاق لكنهما فشلا في تحقيقه. قبل ذلك، تبخرت الآمال الكبيرة للانتفاضة الأولى في 1987 عندما أصبح واضحًا أن اتفاقية أوسلو لعام 1993 لن تحقق دولة فلسطينية. والانتفاضة الثانية وجهت لها الضربة القاضية».
حقوق متساوية
ونوه بأنه لا أحد يملك إستراتيجية قابلة للتطبيق لتحقيق دولة موحدة بحقوق متساوية للجميع، مشيرا إلى أن فكرة دولتين ووطن وواحد لرسم علاقة كونفيدرالية تسمح للفلسطينيين نظريا بممارسة حقهم في العودة، ويمكن اليهود الإسرائيليين من العيش في الأماكن المهمة بالنسبة إليهم من الناحية الدينية أو القومية. لكن من الصعب تصديق ذلك.
وحذر الكاتب من أن الضم سيزيد الأمور سوءًا، موضحا أن المخاطر قصيرة المدى تشمل انهيار السلطة الفلسطينية وإنهاء ما تبقى من اتفاقيات أوسلو، وأزمة في علاقات إسرائيل مع الأردن ومصر، وعودة ظهور العنف الذي قد يجعل آخر انتفاضة تبدو أليفة، إضافة إلى أن ذلك يزعزع استقرار المنطقة المضطربة بالفعل.
ملكية الأراضي
ونوه بأن الفلسطينيين سوف يعانون بطريقة مباشرة. ونقل عن المحامي مايكل سفارد قوله: سيؤدي ذلك إلى عمليات ضخمة لنزع ملكية الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وطرد أفراد وعائلات ومجتمعات بأكملها من الأراضي المضمومة. وسيبقى الوضع في غزة المحاصرة دون تغيير.
وتابع الكاتب: سيمثل الضم نقطة تحول تاريخية لفلسطين، حيث سيبطل المبدأ الأساسي، الذي اعترفت به لجنة بيل البريطانية في 1937 والأمم المتحدة في 1947، بأن الطريقة الوحيدة لحل الصراع هي تقسيم الأرض المقدسة إلى دولتين يهودية وعربية منفصلتين، وضمان حق تقرير المصير القومي لكلا الشعبين اللذين يدعيان أنها ملك لهما.
صفقة القرن
ونوه الكاتب بأن علامات الرد العالمي المنسق غير مشجعة، حيث رفض الفلسطينيون باختلاف انتماءاتهم صفقة القرن التي دعا إليها ترامب، مضيفا والمرشح الرئاسي الديمقراطي، جو بايدن، ليس ثوريا بما يكفي لإصلاح الضرر الذي سببه ترامب. والاتحاد الأوروبي منقسم. وبريطانيا منشغلة بقضايا عالم ما بعد البريكست التي لم تحل. ومن غير المحتمل اتخاذ أي إجراء ذي قيمة.
واختتم بقوله: إذا كان التاريخ يعلمنا درسا واحدًا، فهو أن الحقائق على الأرض، سواء كانت غير شرعية أو لا، لا يمكن تغييرها من دون عنف. وحتى لو تأجل الضم أو لم يحدث، لن يتحسن الوضع.