فقد تجد في بيئات الأعمال مبدعين في الرسم والفنون التشكيلية وقد تجد آخرين مبدعين في الخط العربي، وهناك موهوبون في الحديث والخطابة وآخرون يحتاجون من يكتشفهم وينمي مواهبهم في بيئات الأعمال.
وقد تغفل كثير من الجهات عن ما يمكن الإطلاق عليه بالكنوز المدفونة من مواهب الموظفين التي يمكن استثمارها لصالح الموظف ولصالح بيئة العمل.
وفي الهيئة الملكية بالجبيل منذ سنوات طوال كانت تزين جنبات مبناها الرئيسي لوحات فنية من إبداع موظفيها، فأي إحساس إيجابي ينتاب الموظف من هذا التقدير وهو يرى لوحاته الفنية وهي تقدر من جهة عمله.
وقد بدأت الهيئة الملكية بالجبيل في تكليف إحدى إداراتها المعنية بالأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية بحصر بيانات الموهوبين من الموظفين وتصنيفهم حسب موهبتهم، فأنشأت منصة إلكترونية يستطيع الموهوب أن يسجل بها ويصنف موهبته وتقوم الإدارات بمراجعة هذه المنصة والاستفادة من موهبتهم لتوظيفها في خدمة الموظف وجهة عمله. كما أنها أقامت معرضا أتاحت من خلاله الفرصة للموهوبين والمبدعين من منسوبيها؛ لعرض مواهبهم وإبداعاتهم الفنية بمختلف الجوانب.
وأقامت الدورات التدريبية لصقل مواهبهم ودعمهم في التواصل مع الجمعيات المتخصصة والانتقال بمواهبهم لمراحل متقدمة.
وينعكس هذا الاهتمام بالموظفين على تعزيز انتمائهم لمنظماتهم وتحسين بيئة العمل من بيئة رتيبة إلى بيئة جاذبة يجد فيها ابناؤها الاهتمام والرعاية من مختلف الجوانب النفسية والمعرفية.
وتحتاج مثل هذه البيئة المحفزة إلى نوعيات من القادة يؤمنون بأهمية دعم الموظفين وتحفيز قدراتهم وصقل مواهبهم، ولا يمكن أن تستمر مثل هذه البيئات المحفزة إلا بوجود مثل هؤلاء القادة الذين يدفعون في اتجاه تطور إمكانيات الموظفين، وخلق فرص تنافسية تدعم الإبداع وتنميه بين الموظفين.
ومن المهم أن تعمل مثل هذه القيادات على بث مثل هذه الروح لرؤساء الموظفين المباشرين؛ لكي تتكون منظومة من الإبداع مستمرة، وليست مرتبطة بشخصية القائد تزول بزواله.
فبيئات الأعمال للأسف لا تخلو من شخصيات إدارية تركز على العمل فقط دون الاهتمام بالجوانب النفسية والمعرفية للموظفين، ويرون أن هذه الجوانب تعتبر جوانب رفاهية زائدة تجعل الموظفين منشغلين عن أعمالهم الأساسية متناسين أن هذه الجوانب المهملة تؤثر سلبا على موظفيهم وتنعكس على بيئات الأعمال لتجعلها بيئات شقاء بدلا أن تكون بيئات سعادة لهم.
dhfeeri@