للغذاء أهمية كبيرة في الأمن الاقتصادي الوطني، لذلك أقيمت المشاريع الزراعية بدعم حكومي بهدف الاكتفاء الذاتي. وقد كشفت العديد من الأزمات العالمية أهمية الأمن الغذائي، خاصة خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008م عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية نتيجة تراجع العرض بسبب إفلاس بعض الشركات وتزايد الطلب وارتفاع أسعار الطاقة البترولية فيما بعد. وقد برزت أهمية تأمين الغذاء محلياً من خلال تزايد الطلب الذي حفز قيام المشاريع الغذائية في المملكة، لكن هناك محاصيل غذائية لا يمكن زراعتها وإنتاجها محلياً لظروف مناخية لا تتوافر في المملكة، ناهيك عن التكلفة المرتفعة لمياه التحلية اللازمة لريها. وهنا تظهر أهمية المشاريع الاستثمارية الغذائية في المناطق التي تتوافر فيها المياه الجوفية في المملكة، كذلك يمكن الاستثمار في الدول الصديقة المستقرة اقتصادياً وسياسياً من خلال شراكات سعودية استراتيجية مع تلك الدول وشركاتها التي ترغب في الاستثمار والتعاون.
يساهم المخزون المحلي الاستراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة، لكنه ليس بدرجة كافية يعتمد عليها عند حدوث الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية والسياسية في الدول التي نستورد منها، ناهيك عن عدم كفاية المحاصيل الزراعية المحلية لتغطية النقص في الإمدادات الغذائية. نحن بحاجة للتوسع في المخزون الاستراتيجي عما هو عليه اليوم لسد الحاجة في أوقات الأزمات محلياً وإقليمياً ودولياً. وبالتأكيد إن الخطة الاستراتيجية الذكية للحكومة في الخزن الاستراتيجي للمنتجات الغذائية الأساسية جديرة بالإشادة والتطوير المستمر لتشمل المزيد من المنتجات الغذائية الأساسية بكميات كبيرة وكافية لتحقيق الأمن الغذائي الوطني. ومن الأهمية التوسع في الرقعة الزراعية لتوفير منتجات زراعية تناسب البيئة الزراعية في المملكة.
إن مساهمة القطاع الخاص متواضعة في الاستثمار خارج المملكة في الأمن الغذائي الوطني في دول صديقة، حيث لا ترقى إلى المستوى الاستراتيجي الذي يُعتمد عليه خلال الأزمات الاقتصادية. وهذه المساهمة المتواضعة بسبب الخوف من المخاطر وعدم توافر الضمان والدعم القانوني للمستثمرين السعوديين في الدول التي أبرمت معها الحكومة اتفاقيات شراكات اقتصادية واستثمارية، ناهيك عن النظرة القصيرة للمستثمرين السعوديين حول العائد السريع. وهناك اتفاقيات شراكة أبرمت بين المملكة وبعض الدول الصديقة في مشاريع زراعية، لكنها غير مفعلة أو غير شفافة فيما يتعلق بالضمانات لحقوق المستثمرين وسياسات الضرائب. وهنا تكمن أهمية الاستثمار الزراعي في المملكة التي تتمتع بالاستقرار الاقتصادي والسياسي وما توفره الحكومة من دعم مالي ومعنوي للمستثمرين في القطاع الزراعي والصناعات الغذائية.
dr_abdulwahhab@