في زمن كورونا تم العمل عن بعد قسراً، وأدى ذلك إلى نشوء بوادر درس مهم وهو أن بالإمكان إنجاز الأعمال والمعاملات من أي مكان يوجد فيه الموظف أو العامل. لا نتحدث فقط عنا نحن في المملكة، أو لدى ما يسمى دول العالم الثالث، بل حتى في الدول الصناعية، التي لا تزال في كثير من شؤون مواطنيها ترزح تحت أطنان من الأوراق والروتينيات. على سبيل المثال في أمريكا، أم الاختراعات والتطبيقات الإلكترونية، لم يتغير -كما شهدت على ذلك وتعاملت معه- الكثير على مستوى الإدارات الحكومية ذات العلاقة بالمواطنين، وحتى في بعض المؤسسات الخاصة مثل المستشفيات.
المهم الآن، في أمريكا وفي السعودية وفي غيرهما، أن هناك ما يمكن التعويل عليه بحق لبدء مرحلة جديدة كلياً تتطلب شجاعة كافية من الأجهزة الرسمية لإنفاذها. هذه المرحلة تمتاز بإمكانية عمل الموظفين، أو نسبة غير قليلة منهم، من أماكن تواجدهم في بيوتهم أو في أي مكان. وهذا، كما قيل أثناء جائحة كورونا، يعطي العاملين الحرية في اختيار الوقت المناسب للعمل مما يزيد من معدلات الإنتاجية. العاملون عن بعد أيضاً يوفرون وقتاً ونشاطاً نتيجة انخفاض أو انعدام الزمن المنقضي في الانتقال من وإلى مقرات العمل. ونحن نعلم أن هناك نتيجة الازدحامات المرورية، ساعات تهدر وطاقات تُستنفذ وأعصاب تحترق، أثناء ذهاب الموظف إلى عمله وعودته منه. هناك، أيضاً، إمكانية توفير خدمات العملاء في أي وقت، وتوظيف المعاقين حين لا يكون مطلوباً منهم التنقل، وإضافة ما يترتب على وجودهم في مقرات العمل من متطلبات ومستلزمات، بالإضافة إلى توفير وظائف أكثر للنساء اللائي يُفضلن العمل من البيت لظروف مختلفة.
بطبيعة الحال لن تحيط هذه المقالة بكل مزايا العمل عن بعد لدى القطاعين الحكومي والخاص. كل ما أردت قوله إننا اكتشفنا أن العمل عن بعد ممكن جداً وله مزايا كبرى طالما أننا نملك بنية رقمية تحتية ممتازة. وعلينا التفكير جدياً بالاستفادة من هذه المزايا في كل أو جهة حياتنا ومعاملاتنا.
@ma_alosaimi