وقال أردوغان مؤخراً إن أكثر من ملياري ليرة تركية (291.75 مليون دولار) تراكمت خلال حملة التبرعات من 11 مايو ولغاية 24 يونيو، فيما أظهر الموقع الرسمي للحملة أنّ التبرعات بلغت 2.1 مليار ليرة (306.30 مليون دولار).
وردّ نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي على استفسار أنتمن المكتوب بإحالة النائب إلى وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية.
الشعب يسأل
وعندما قدّم عضو حزب الشعب الجمهوري استفسارًا آخر موجهًا إلى الوزارة المذكورة، قيل له «ابحث على موقع الوزارة».
ونقلت صحيفة جمهوريت عن انتمن قوله «نسأل الآن أين ذهبت هذه الأموال، فيما الرئاسة التي أدارت الحملة تقول إنهم لا يعرفون.»
وأوضح أنتمن «قمنا بتمشيط دقيق من خلال موقع وزارة الأسرة، حيث إن كل جزء من أموال الناس هو أمانة»، فلم نجد أيّ معلومات في الموقع المذكور عن مصير أموال المتبرعين، هل تمّ إنفاقها؟ أم يتم الاحتفاظ بها في مكان ما؟
ويتضمن موقع الوزارة فقط قائمة بأكبر الجهات المانحة، بدءًا من تبرع البنك المركزي التركي بقيمة 100 مليون ليرة (12.9 مليون دولار)، وإجمالي المبلغ المتبرع به، وعدد التبرعات، وإجمالي المبلغ المتبرع به عبر الرسائل النصّية، وعدد تلك الرسائل. وتشمل المحتويات الأخرى مقطع فيديو لتصريحات أردوغان، وقائمة بأرقام حسابات التبرعات، ورابطًا لمديرية الاتصالات الرئاسية، ولكن بدون أيّ معلومات عن كيفية إنفاق تلك الأموال.
سوء الإدارة
وعبّر أنتمن عن استيائه من سوء إدارة الحملة وفسادها «لقد قالوا أننا كافون لبعضنا البعض، ولكن يبدو أنهم كانوا يقصدون أنهم سينفقون الأموال فيما بينهم». وأضاف «يجب أن يخجلوا من البلديات»، فقد منعت وزارة الداخلية البلديات، بما في ذلك التابعة لحزب الشعب الجمهوري الذي فاز العام الماضي بإسطنبول وأنقرة، من إدارة حملات التبرع، وهو ما اضطر عمداء الحزب المُعارض لاتباع طرق غير تقليدية بأساليب ودّية لدعم الأتراك، وذلك من قبيل إطلاق حملة للمواطنين لدفع فواتير الخدمات لنظرائهم المُحتاجين الأكثر فقراً.
استياء الأتراك
يُذكر أن إطلاق أردوغان حملة التبرعات أثار استياءً واسعًا في الشارع التركي الذي اعتبر الدعوة تهرّباً من المسؤولية الحكومية في مواجهة أزمة كورونا، وإلقاء الأعباء على كواهل المواطنين الذين يعانون أساساً من تأثيرات الأزمة الاقتصادية الضاغطة منذ أكثر من عامين.
وطلبُ التبرع لمكافحة الفيروس الفتاك من قبل أردوغان للمواطنين في إطار حملة تضامن وطني حملت عنوان «نحن نكفي لبعضنا البعض يا وطني تركيا».
وتسببت دعوة أردوغان المواطنين لتقديم تبرعات مالية للدولة، على الرغم من أنه يزعم دومًا أن تركيا قادرة على تجاوز هذه الأزمة بقدراتها الذاتية، بضجة كبيرة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعلن عشرات الآلاف من المواطنين الأسباب التي تدفعهم إلى عدم المشاركة في هذه الحملة من خلال تغريداتهم تحت هاشتاغات مختلفة منها «ولا قرش» و«على الحكومة الاستقالة» وغيرهما.
اتهام المعارضة
بالمقابل، تقوم وزارة الداخلية التركية بتحقيق ضد رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، بخصوص حملة التبرعات التي أطلقتها بلديات تسيطر عليها المعارضة، بينها بلديتا إسطنبول وأنقرة، لدعم المواطنين المحتاجين جرّاء أزمة كورونا.
وذكرت وزارة الداخلية في تعليقها على المسألة، أنّه «لا توجد دولة داخل الدولة»، وأنّه تمت مصادرة بعض الأموال التي تم جمعها وإيداعها في أحد البنوك.
ونقل عن إمام أوغلو قوله إن وزارة الداخلية بدأت تحقيقا حول عملية التبرع، وإنّ حجب أموال المواطنين الراغبين بالمساعدة عن طريق بلدياتهم هو موقف ضعيف للغاية، وهو موقف يأتي من تدخّل من الأعلى إلى الأسفل.. وأشار إلى أنّ الذي أصدر تعليماته، هو جزء من هذا الضعف، وممّا وصفه بالفظاظة. وكشف إمام أوغلو أن نحو مليون ليرة ما زالت في البنك، وهي بحاجة لتسليمها للمواطنين.
صعوبات اقتصادية
وذكر إمام أوغلو أن عدد الأشخاص الذين يعانون من صعوبات اقتصادية يزداد كل يوم، وأن طلب المساعدة الاجتماعية عبر التبرعات يمكن أن يخفف الضغط عن الناس. وحذر من مغبة إهمال مطالب الشعب في هذه الأزمة.
يذكر أن البنك المركزي التركي أوقف على نحو غير متوقع دورة تيسير نقدي استمرت لما يقرب من عام نهاية الأسبوع الماضي عبر الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8.25 % وعزا ذلك إلى ضغوط إلى الجانب الصعودي على التضخم خلال أزمة جائحة كورونا.
وقفزت الليرة التركية، التي تراجعت بنسبة 13 % منذ بداية العام، في البداية عندما قرر المركزي عدم خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقعا. ومع بلوغ التضخم 11.4 % فإن أسعار الفائدة الحقيقية تقع بالفعل في المنطقة السلبية بدرجة كبيرة.