منذ بداية جائحة كورونا المستجد رفعه الله عنا وعن المسلمين والعالم أجمع عاجلا غير آجل، يتكرر مشهد الكمامات اليومي على الوجوه - وحينها أقول (يارب ارحمنا برحمتك) - وكثر الكلام حول الكمامات وأهميتها مما جعل الجهات الرسمية تفرض عقوبات صارمة على من لا يرتديها أيا كان مصابا أو متعافيا أو سليما عند خروجه من المنزل فردا أو كيانا تجاريا وغيره، فالكمامات أثبتت أنها بعد الله من أهم الاحترازات في الحماية من الفيروس سواء كانت طبية أم قماشية وكثر الكلام عن مدد استخدامها وطريقة لبسها وحتى صناعتها وتوفيرها والتفنن بها، وهنا أتساءل، مع هذا الوباء بحثنا عن الكمامات لحماية جهازنا التنفسي فيا ترى هل نحتاج كمامات من نوع آخر؟ هل كل الكمامات حسية على الوجوه أم هناك كمامات أخرى معنوية؟ هل نحتاج كمامات على العقول لنصفيها ونمنع عنا ما يفسد هذا الجهاز المهم الذي يفكر بكل شيء في حياتنا إراديا ولا إراديا من أوامر وعادات وسلوكيات وأفكار ليست ببعيدة عن الفيروسات والجراثيم التي تصيب المجتمع بالأوبئة وغيرها، هل نحتاج كمامات على الآذان لنحجبها عن سماع أي كلام يتعلق بعورات الناس وخصوصياتهم وتافه الحديث وما يضر ولا ينفع؟ وهل نحن بحاجة لكمامات للألسن لتجنب الغيبة والنميمة وكلام السوء ونقله، مع حزمة هذه الكمامات أعتقد أن البعض يحتاج كماما للأخلاق يصفي الأمانة والصدق عن شوائب الكذب والخداع والتلاعب بحقوق الناس. لا أدعي مجتمعا مثاليا فهذه شواهد واقعية وحقيقية ولكن الكثيرين أيقنوا أن العالم قبل هذه الجائحة ليس هو بعدها وبالتالي كثير من الأشياء استحق التفكير والتأمل وبالتالي التغيير ومنها ما كنا نعتقد أنه ركن لا يتزحزح مع الزمن فوجدناه أول المتغيرين.
أتمنى أن يخترع كمام ليس فقط يعزل ما لا نريد ويصفي ما نريد بل كمام يعمل بطريقة عكسية فيخرج الشوائب من العقل وأفكاره واللسان وكلماته والأذن وما ينمو إليها من سوء، وحينها سندرك أن الأوبئة ليست فقط ما يصيب جسد الإنسان فهناك أوبئة لا تقل خطورة إن تجاوزات كمامة المجتمع وهي الوعي والمسؤولية إن صفيت من الاستهتار والفوضى؟
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النوايا الطيبة لا تخسر أبدا)..
Majid_Alsuhaimi@