وفي مجلس نواب الولاية، صوّت 91 نائباً لمصلحة مشروع القانون بينما صوّت ضدّه 23 نائباً. وبعد بضع ساعات صوّت في مجلس الشيوخ 37 سناتوراً لمصلحة النصّ مقابل 14 عضواً صوّتوا ضدّه.
احتفال بالحدث
وما أن أقرّ المشروع في مجلس الشيوخ حتى علا هتاف السناتورات، الذين احتفلوا بهذا الحدث بالهتاف والعناق والمصافحة بقبضة اليد.
وميسيسيبي هي الولاية الأمريكية الوحيدة، التي ما زالت رايتها تحتفظ بعلم جيش «الولايات المتّحدة الكونفدرالية» المؤلّف من مستطيل أبيض في أعلى زاويته اليسرى مربّع أحمر يتوسّطه صليب أزرق قُطريّ بداخله نجوم صغيرة بيضاء.
وهذا العلم الذي كان يمثّل الولايات الجنوبية، التي رفضت إلغاء العبودية خلال حرب الانفصال (1861-1865)، يمثّل بالنسبة إلى كثيرين رمزاً للماضي العنصري للبلاد.
ومشروع القانون الذي أقرّه البرلمان يكلّف لجنة من تسعة أعضاء تصميم علم جديد للولاية، ويشترط أن يخلو العلم الجديد من الشعار الكونفدرالي وأن يضمّ بالمقابل عبارة «بالربّ نثق».
وسيعرض العلم الجديد على ناخبي الولاية لإقراره في استفتاء عام سيجري في نوفمبر، فإذا وافقوا عليه يتم اعتماده وإلا ستصبح الولاية من دون علم إلى أن تتم الموافقة على علم جديد.
خطوة كبرى
وأكد السناتور الديمقراطي عن ميسيسيبي جون هورن أن تغيير العلم لا يبدد لوحده آثار الماضي العنصري لجنوب الولايات المتحدة مضيفاً «لكنه خطوة كبرى على طريق الاعتراف بالإنسانية والقيم التي منحها الله لكل شخص».
وكان حاكم الولاية تيت ريفز، الذي سبق له أن عارض تغيير علم الولاية، قد أعلن السبت أنّه لن يستخدم حقّ النقض الذي يتمتّع به لردّ هذا القانون، بل سيوقّع عليه إذا ما أقرّه الكونغرس.
وخلال المناقشات الساخنة التي جرت قبل اتخاذ القرار في البرلمان حول هذه المسألة، لفت عضو كونغرس الولاية إدوارد بلاكمان وهو ديمقراطي أسود إلى مدى صعوبة مروره أمام العلم الكونفدرالي كل يوم تقريباً.
وقال «آمل عندما ننظر إلى (العلم المقبل) أن يجعلنا نشعر بالفخر جميعاً وليس بعضنا فقط».
التمييز العنصري
وعادت مسألة التمييز العنصري لتحتل النقاشات في الولايات المتحدة منذ وفاة الأمريكي الأسود جورج فلويد في 25 مايو اختناقا أثناء قيام شرطي أبيض باعتقاله في مينيابوليس.
وأثارت وفاته موجة احتجاجات في الولايات المتحدة ضد الاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة وضد التمييز العنصري. وغالبا ما انتهت هذه التظاهرات بأعمال شغب ونهب.
وخلال الاحتجاجات الضخمة المناهضة للعنصرية، التي هزّت الولايات المتّحدة في مايو الفائت، كان أحد مطالب المحتجين التخلّص من هذا العلم وإزالة تماثيل الجنرالات الكونفدراليين والشخصيات، التي كانت مناهضة لإلغاء العبودية واجتثاث سائر المظاهر التكريمية لهؤلاء.
وكانت بطولة ناسكار للسيارات قد منعت رفع أعلام الكونفدرالية على مدرّجاتها، حيث غالباً ما يرفع المشجّعون هذه الأعلام، لا سيّما في الجنوب حيث تشتهر هذه السباقات.
الولاية الوحيدة
وميسيسيبي التي لديها ماضٍ طويل في الفصل العنصري، هي الولاية الوحيدة التي ما زالت تحتفظ بالشعار الكونفدرالي على علمها بعد أن تخلّت عنه جورجيا في 2003.
وقبل عامين، رفض المشرّعون في ميسيسيبي التخلّص من علم اعتبروه جزءاً لا يتجزّأ من تراث الجنوب وثقافته.
لكن الضغط المتزايد لدوائر الأعمال والرياضة والثقافة والمجتمع المدني في الولاية أثمر تحوّلاً في موقف هؤلاء المشرّعين، الذين وافقوا على إعادة رسم علم الولاية.
وكتب كايلين هيل اللاعب النجم في فريق كرة القدم لجامعة ميسيسيبي في تغريدة «غيّروا العلم وإلا فأنا لن أمثل بعد الآن هذه الولاية».
كما طالبت جمعية الكنائس المعمدانية في ميسيسبي، التي تحظى بنفوذ واسع بتغيير العلم. ثم عمدت جمعيات أخرى من مختلف القطاعات الاقتصادية إلى جانب مسؤولين من عالم الرياضة للانضمام إلى هذه الحركة.
وكتبت فايث هيل وهي نجمة موسيقى الكانتري على تويتر «أتفهم أن الكثيرين يرون في العلم الحالي رمزا لإرث الجنوبيين، لكن علينا أن ندرك أن هذا العلم يشكل رمزا مرعبا لاشقائنا وشقيقاتنا السود».
تأجيج التوتر
والإثنين الماضي حذف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد نشره مقطع فيديو يمكن سماع أنصاره يرددون فيه شعار «قوة البيض»، وهو ما أثار مجددا اتهامات للرئيس بتأجيج التوترات العرقية.
وغالبا ما تستخدم هذه العبارة من جانب القوميين البيض اليمينيين المتطرفين، وهو ما أثار انتقادات من داخل الحزب الجمهوري.
وتأتي هذه التغريدة في الوقت الذى تمر فيه البلاد بمحادثات وطنية مكثفة بشأن العنصرية والتمييز، في أعقاب حوادث عنف من جانب الشرطة ووفاة المواطن الأمريكى الأسود جورج فلويد. وشهدت معظم مدن الولايات المتحدة احتجاجات لعدة أسابيع حملت شعار «حياة السود مهمة».
ويظهر الفيديو أنصار ترامب وهم يرددون شعارات حول تفوق وسيادة العنصر الأبيض. وأرفق ترامب تعليقا قال فيه «أشكر الأشخاص الرائعين من ذا فيليدجيز»، في إشارة إلى منطقة يوجد بها مجتمع للمتقاعدين في فلوريدا تم تصوير مقطع الفيديو بها.
وسارع السيناتور تيم سكوت، العضو الجمهوري الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ، إلى انتقاد الرئيس.
وقال سكوت لشبكة «سي إن إن» «لم يكن عليه إعادة التغريدة، وكان يتعين عليه حذفها.. كل هذا الأمر كان مسيئا».