عنوان هذا المقال سيذكر الكثيرين بالفيلم الأمريكي الأشهر «يرقص مع الذئاب» أو «Dances with wolves» هذا الفيلم تم إنتاجه عام 1990 وهو اقتباس من رواية بنفس الاسم صدرت سنة 1988 دارت أحداثها في فترة الحرب الأهلية الأمريكية، حيث يحكي الفيلم قصة ملازم في الجيش الاتحادي، يسافر إلى الحدود الأمريكية، ويقابل مجموعات من هنود «اللاكوتا» وتقوم بينه وبينهم علاقة إنسانية خاصة وفي أحد المشاهد يثب البطل إلى حلبة الرقص، وفي ذات الوقت يشاركه الرقص ذئب، ويحسن البطل التعامل مع الذئب في حلبة الرقص، وسط دهشة الهنود، فيقولون عنه: يرقص مع الذئاب.
الرقص مع الذئاب في الولايات المتحدة الأمريكية كان في السينما وحياتها المليئة بالفرجة، والبهجة، وجزء من هذا الواقع انتقل إلى حياتنا العربية، حيث بات الناس ينامون في بيوتهم مع حيوانات برية مفترسة، مثل الذئاب والأسود، والنمور. وهناك من جلب التماسيح والأفاعي السامة إلى شقته الصغيرة وبات يتقاسم معها الحياة اليومية، هذه الظاهرة القاتلة بدأت تبرز خلال الأعوام الأخيرة. وتم كشف جزء من هذه الظاهرة عبر بوابتين الأولى عندما يخرج أصحاب هذه الحيوانات إلى الأماكن العامة كالشاطئ أو أماكن المشي العام مصطحبين معهم نمرا أو أسدا أو ذئبا. البوابة الثانية عندما يصور بعض المقتنين لهذه الحيوانات الشرسة أفلاما قصيرة ويبثونها عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي. يقول البعض إن هذه الهواية الغريبة والمميتة تنتشر بين طبقات محدودة في المجتمعات الخليجية ويعتقد أن البعض يزاول هذه الهواية كنوع من الظهور، والتفاخر الاجتماعي، لأن هذه الحيوانات غالية الثمن، إضافة إلى أن تربيتها تحتاج إلى إنفاق الكثير من المال في سبيل إطعامها، وتمريضها. وهذه الصورة للأسف صورة ساذجة بمعنى الكلمة لأنه يمكن للمرء أن يخبر الناس بأنه من طبقة ميسورة الحال عبر مظاهر أخرى كثيرة غير الرقص واللعب والنوم مع الوحوش، الشيء الآخر يقول أهل الاختصاص وتربية الحيوان إن الوحوش، والكواسر، من الحيوان لا تفهم بالتعلم، بل بالغريزة، يعني أن من يشتري وحشا في صغره ويربيه لن ينجح في تحويله إلى حيوان أليف، بل إن غريزة الافتراس ستبقى معه وستخرج يوما ما، وما تأخرها إلا لأن الوحش حرم من بيئته الطبيعية التي يتعلم فيها بسرعة الطباع التي تبقيه حيا حسب قوانين الصراع في البرية.
يؤكد هذه النظرة الحادثة التي وقعت في دولة الكويت قبل مدة راح ضحيتها عاملة منزلية من الجنسية الفلبينية نهشها أسد كان يربيه كفيلها في نفس المنزل الذي يقيم فيه هو وأسرته وخادمتهم تعيسة الحظ.
ومنذ انتشار هذه الظاهرة في المجتمعات العربية، رصدت بعض وسائل الإعلام حقائق مدهشة حولها، من أبرزها أن استيراد هذه الحيوانات المفترسة ممنوع للخاصة وللأعمال التجارية، وأن الطرف الوحيد المخول باستيرادها فقط السلطات الحكومية، هذه القاعدة تكاد تكون واحدة لدى معظم الدول الخليجية، وهي بذلك تكشف بجلاء أن هذه الأنواع الخطيرة من الوحوش البرية تدخل إلى دول المنطقة عن طريق التهريب عبر المنافذ، وينقل بعض المهتمين أن تجارة الحيوانات المفترسة مزدهرة عبر مواقع معروفة في الإنترنت، والصادم أن هذه الحيوانات تباع بمبالغ كبيرة تقدر بعشرات الآلاف من الريالات، ويرتفع سعر الواحد منها كلما كان صغيرا في سنه، لأن هناك اعتقادا خاطئا لدي الكثيرين بأن الحيوان الصغير تسهل تربيته وتدجينه.
ومن الجميل أن لدى معظم دولنا الخليجية أو أغلبها تشريعات خاصة تجرم تربية هذه الأنواع لأنها تهديد للسلم الأهلي، ولأنها اعتداء على حقوق الناس كبارا، وصغارا، في حياة آمنة، ولأنها في ذات الوقت تعد سافر على حقوق الحيوان.
الظاهرة الخطيرة تتزايد في مجتمعاتنا الخليجية، دون وسائل إرشاد، وردع، وتأديب. وكل التعويل على تفعيل الجزاءات والغرامات الرادعة على مقتني هذه القنابل الموقوتة بيننا.
salemalyami@