يعجبنا في هذا المضمار الرائع تصرف تلك المرأة التي تعرضت لظروف صعبة حين أصيبت بدوامات الخلافات الزوجية العقيمة حتى انتهت بالطلاق. كان في حضانتها أبناؤها الذين يدرسون في الصفوف الابتدائية، ومع تنامي مسؤولية الحياة ومتطلباتها، أصيبت الأم بحالة يرثى لها من الخوف والقلق على مستقبل الأبناء، وأدركت أن الحياة في ظل غياب الأب أشبه بطرقات وعرة وخطوط متشابكة، وعرفت أن دور الأب لا يعوضه أحد، فهو الوحيد الذي يراقب ويحمي أبناءه من أي ثعبان بشري لكيلا ينفث سمومه في أجساد الصغار الأبرياء. اتصلت فورا بطليقها وقالت: عد إلى أبنائك وزوجتك فمستقبل أبنائنا أهم من الخلاف الذي بيني وبينك!!.
لم تكد تمضي ساعات قليلة إلا والزوج قادم ومعه عاقد النكاح، ثم عقد قرانه على طليقته مجددا.
لقد وضع الله الرحمة في قلبها والعقل السليم في رأسها، وتنازلت عما كان بنفسها وتفكيرها، وسامحت من أجل إصلاح ورعاية أولادها، والحرص على مستقبلهم ورعايتهم حتى وصلوا إلى المراحل المتقدمة وتخرجوا من المدارس والجامعات وحصلوا على الدراسات العليا. تقول أختنا الفاضلة: الحمد لله، أنا سعيدة بما حدث حيث إنني لم أفقد فرصة الجنوح للصواب عن الخطأ، وأيضا اكتشفت في شخصيتي، أمورا إيجابية ومنها قدرتي وشجاعتي على اتخاذ قرار العودة إلى زوجي السابق، والأهم من هذا ثقتي الكبيرة بنفسي، وتعلمت من الطلاق أنه لا يعقبه إلا التفكك الأسري المدمر!!.
وترى أن كثرة حالات انفصال الأزواج عن بعضهم البعض، أسوأ ظاهرة حديثة في العالم العربي الإسلامي ويجب التصدي للحد منها من قبل المؤسسات المجتمعية والتربوية، لأن الأطفال هم الأكثر تضررا، وبعضهم حين يصلون سن الزواج لا يفكرون في الارتباط، وإذا تزوجوا فإنهم لا يرغبون بالإنجاب وربما يقدمون على الطلاق أسوة بآبائهم، ناهيك عن الأمراض النفسية التي قد تنشأ نتيجة لذلك.
إن مثل هذه القضايا التي تحدث في بعض البيوت والأسر، رسالة تثبت لنا غياب فهم الدور الفقهي للدين، وممارسات تعبر عن جهل من يمارسها! يدعونا واقع الحال للسؤال: متى نشعل الشمعة، ونجفف الدمعة، ونحول الانكسار إلى انتصار؟!.