وأشار إلى أن أول هذه الأسباب هو أن رد الهند الضعيف على الصين في أعقاب مناوشات وادي غالوان تثير تساؤلات تضر بسمعة نيودلهي التي جرى الترويج كثيرًا لدورها باعتبارها ثقلًا موازنًا للصين في منطقة المحيط الهندي - الهادئ.
عدم الانحياز
وتابع: رغم أن الهند تبنت سياسة عدم الانحياز في جزء كبير من فترة الحرب الباردة، غير أن احتمالية قيامها بدور القوة الإقليمية الدبلوماسية والعسكرية ضد الصين الصاعدة اكتسبت أهمية جديدة عقب سعي الرئيس جورج بوش الابن لإدراجها كشريك إستراتيجي، وموافقته على بيع التقنية النووية الأمريكية لها. لكن المواجهات العدائية مع الصين التي حدثت عام 2017 وكذلك التي تحدث في الوقت الحالي، أكدت لصناع السياسات الهنود الحاجة للانسجام مع بكين على الأقل من أجل الحفاظ على التعايش المشترك بين البلدين.
ومضى يقول: في أعقاب هذه الأزمة الأخيرة، أوضحت المحادثات التي جرت على مستوى قادة الفرق والمفاوضات الدبلوماسية بين بكين ونيودلهي، أن الهند ربما تفضل الانخراط المحدود مع الصين على الدخول في منافسة جيوسياسية غامضة ترافقها شراكة كاملة مع الولايات المتحدة.
وأوضح الكاتب أن هذا الوضع قد يجبر الهند على البحث عن مكان آخر لدحض الآراء التي تشير لعجزها الإستراتيجي، مضيفًا «المسرح مع باكستان سيكون فرصة مناسبة للهند لإثبات أنها ليست أضعف عسكريًا من الصين».
عوده القومية
ولفت حميدان إلى أن ثاني الأسباب هو أن رئيس الوزراء الهندي نيرندرا مودي منذ وصوله للسلطة أبدى استعداده وقدرته على تحقيق وعوده القومية في الداخل، لا سيما بعد أن اصطدمت وعود حكومته الاقتصادية بعوائق.
ونوه إلى أن القادة من هذا النوع يسعون لصرف الأنظار عبر استهداف أعداء تقليديين ومنافسين دائمين، لأن الصراع مع هؤلاء الخصوم الدائمين من المرجح أن يعزز التضامن داخل الجماعة الواحدة.
وتابع: منذ اتخاذهم الإجراءات المثيرة للجدل في كشمير العام الماضي، صعد السياسيون في الهند من التوتر مع باكستان عبر إعلانهم نيتهم تأمين المناطق الخاضعة لإدارة باكستان في آزاد كشمير وجيلجيت بالتيستان.
كشمير الباكستانية
وأردف: في بداية هذا العام، قال رئيس الأركان الهندي الجديد إن الجيش الهندي جاهز لفرض السيطرة على الجزء الخاضع لباكستان في كشمير، في حال أمرته الحكومة الهندية للقيام بهذا. وفي نفس الشهر، أكد مودي أن الهند بحاجة لما بين 7 و10 أيام لهزيمة باكستان في حرب. ومنذ أسبوعين، أشار وزير دفاع الهند إلى أن الاستيلاء على كشمير الباكستانية أصبح الآن هدفا معلنًا للبرلمان الهندي.
ونوه إلى أنه رغم أن هذه التصريحات قد تكون مجرد كلام رخيص، لكن سجل حزب باهراتيا جاناتا الحاكم في تنفيذ وعوده، يدفع لأخذ هذه التهديدات بجدية.
وأضاف: بدأ الجيش الهندي إنشاء مرابض لسلاح المدفعية داخل قرى كشميرية من أجل توجيه ضربات مدفعية طويلة المدى داخل الجزء الخاضع لباكستان في كشمير. وفي شهر مايو الماضي، بدأت هيئة الأرصاد الجوية الهندية في نشر تقارير أحوال الطقس في المناطق الخاضعة لباكستان في كشمير ضمن أخبار الطقس الخاصة بالهند، ما يعد تطورًا غير مسبوق.
المعركة الجوية
وتابع: أما السبب الثالث فهو أن ذكريات المعركة الجوية القصيرة والعنيفة بين الهند وباكستان في شهر فبراير الماضي في «بالاكوت» لا تزال ماثلة في إسلام آباد ونيودلهي.
وأشار إلى أنه بعد هذه المعركة، دعا حزب «شيف سينا» اليميني حينها لتوجيه ما سماه ضربات دقيقة ضد باكستان لتعزيز قبضة حزب بهاراتيا جاناتا على كشمير.
وأوضح أن معضلة مودي تكمن في أن المهمة غير المُكتملة في نزاع «بالاكوت» يجب أن تكون نهايتها حاسمة وأقل غموضًا، وفي حال لم يحدث هذا، فسيخاطر الحزب الحاكم بأن يُنظر إليه محليًّا بأنه تراجع بشكل مبكر أمام عدو أضعف من الهند.
وعن السبب الرابع، مضى الكاتب يقول: الأزمات الإقليمية المتتالية في عهد حكومة بهاراتيا جاناتا تضاعفت الجهود المحلية التي يبذلها قادة الهند من أجل ألا يُنظر إليهم على أنهم يتراجعون أمام خصوم خارجيين.
خسائر الجيش
وتابع: في النزاع الحدودي مع الصين، حفزت الخسائر التي تكبدها الجيش الهندي المعارضة لإدانة استسلام الحزب الحاكم بالكامل أمام الصين. لذلك فالصراع مع باكستان ربما يكون علاجًا مهدئا ضروريا لوسائل الإعلام الهندية المحبطة والخاضعة بشكل كبير لهيمنة الحزب الحاكم، حيث إن إبراز التهديد الذي تمثله جماعة خارجية يمكن أن يساعده في إعادة تنشيط قاعدته الوطنية والمؤيدة والتغطية على الانقسامات داخل تحالفه.
دونالد ترامب
ولفت إلى أن السبب الأخير في انتقال النزاع بين الهند والصين إلى الحدود مع باكستان، هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأوضح أنه مع الاتجاه التنازلي للعلاقات الأمريكية الهندية سيعني تراجع الدعم الأمريكي لنيودلهي تجاه باكستان، بما يجعل الهند أقل أمنًا، وربما هذا يقنع حكومتها بأن تعتمد على قوتها الذاتية لكي تحدد بوضوح مصالحها السياسية والإقليمية في المستقبل القريب.