غضب الشباب
قال شباب أتراك لأردوغان خلال لقاء مباشر عبر «الفيديو كونفرانس» إنهم لن يصوتوا له في الانتخابات المقبلة، وانهالت التعليقات، التي تضمنت هجوما على الطاغية لفشله في إدارة ملفات البطالة والاقتصاد والعلاقات الخارجية، قبل أن ينتبه المسؤولون عن البث، ويغلقوا خاصية «التعليق».
وقال الرافضون لاستمرار أردوغان في السلطة: «ليس هناك تصويت لك مرة أخرى»، و«سنتقابل في صناديق الاقتراع».
وتجاهل أغلب المشاركين عبارات أردوغان بأنه يتمنى لهم مستقبلاً باهراً ومزيداً من النجاح والطموحات، وشنوا هجوما كبيرا ضد أسلوبه في إدارة الدولة وتهميش الشباب.
وسخر رئيس الوزراء التركي الأسبق رئيس حزب «المستقبل» المعارض أحمد داود أوغلو من إغلاق خاصية «التعليق» على البث المباشر لأردوغان وقال في حسابه على «تويتر»: «أجيب دائماً عن كل أسئلة الشباب، ومَنْ لا يزالون صغاراً على الموقع الخاص بي. علاوة على ذلك، خاصية «التعليق» مفتوحة لدي دائماً».
انهيار الاقتصاد
وقال خبير الشؤون التركية السيد عبدالفتاح لـ«اليوم»: أردوغان يواجه غضبا شعبيا كبيرا بعد انهيار الخدمات الاجتماعية وسوء الأحوال المعيشية إثر الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، في وقت يشتبك فيه في أكثر من جبهة خارجية بعد إصراره على التوغل في شؤون عدد من دول المنطقة العربية خصوصا ليبيا، فضلا عن دعمه الكبير لمشروع الفوضى الذي تسعى جماعة الإخوان الإرهابية إلى انتشاره على نحو كبير في الوطن العربي.
ويرى عبدالفتاح أن هناك توحيدا لجبهات المعارضة ضد أردوغان، مستشهدا باختيار الرئيس التركي السابق عبدالله غول صحيفة «قرار» الموالية لوزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو، الذي انشق عن أردوغان لتوجيه انتقادات إلى الرئيس التركي.
وتوقع بأن ينضم إلى هذه الجبهة وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، الذي أطلق قبل أشهر حزب «الديمقراطية والتقدم»، وتعهد باستعادة الديمقراطية في تركيا، التي رأى أنها تراجعت في ظل حكم أردوغان.
وأشار خبير الشؤون التركية السيد عبدالفتاح إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت خلال شهري أبريل ومايو الماضيين في تركيا فيما يتعلق باحتمال تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، أكدت تراجع حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية لأدنى نسبة لها، وذلك لصالح أحزاب المعارضة بما فيها الأحزاب الجديدة، إضافة لهزيمة مؤكدة لأردوغان حال إجراء انتخابات الرئاسة في الوقت الحالي، بينما ينشغل بإقحام جيش بلاده في مُقامرات عسكرية خارجية بهدف إشغال كبار الضباط والقادة في حروبه تخوّفاً من مُحاولة انقلاب جديدة.
كان غول قد انتقد الوضع الاقتصادي الحالي قائلا: «تشعر بعدم وجود إستراتيجية قائمة على التحليل والخبرة، النقطة التي وصلنا إليها اليوم تشير إلى التدهور الخطير في المؤشرات المالية والاقتصادية، إننا نتراجع إلى الوراء، الأصول المتراكمة مع مدخرات السنوات تفقد قيمة كبيرة، هذا الوضع مقلق».
تحت الوصاية
قال زعيم المعارضة التركية كمال كيليتشدار أوغلو أمس إن أردوغان يخضع لـ«وصاية» حليفه زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، ولا يستطيع اتخاذ أي قرار في القصر أو في البرلمان بدونه، لافتا إلى أن تركيا يسيطر عليها حزب حصل فقط على 11.9 % من أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة.
وتحالف حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه أردوغان مع حزب الحركة القومية، الذي يتزعمه دولت بهتشلي في استفتاء 2017 على تعديل الدستور والتحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ثم أعلنا «تحالف الشعب» وخاضا الانتخابات البرلمانية والرئاسية 2018، ثم الانتخابات البلدية 2019.
وقال كيليتشدار، الذي يرأس حزب الشعب الجمهوري: أردوغان يقبل الوصاية لحماية سلطته، لذلك فنظام الحكم الرئاسي يستمر بوصاية حزب صغير، لدرجة أن القصر أصبح غير قادر على اتخاذ قرار دون إذن قيادة الحزب الصغير هذا.
ضغوط خارجية
ويواجه أردوغان ضغوطا خارجية، خصوصا فيما يتعلق بتدخله العسكري في ليبيا إذ إنه بحسب تقرير لموقع أحوال التركي المعارض، فقد ترافق الضغط السياسي الفرنسي على الرئيس التركي، بهجوم إعلامي متواصل في الصحافة الفرنسية، التي دأبت على توجيه انتقادات حادة لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولسياساتها الداخلية والخارجية على حدّ سواء.
ففي حين، اعتبرت صحيفة «اللوموند» أنّ رهان أردوغان على المنطقة الغربية من ليبيا أثمر حتى الآن نتيجة تواطؤ حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، مشيرة إلى أنه لا ضرورة بعد الآن لطرح السؤال عن «طرابلس التركية».
دعم الإخوان
وفي مقال آخر، وصفت «لو فيجارو» أردوغان، بـِ «سلطان ليبيا» مشيرة إلى أنّه وضع ثقل بلاده من أجل دعم التيار الإخواني في ليبيا، حتى أصبح في وضع يتيح له تقرير سياسة هذا البلد واستنزاف ثرواته.
وفي ذات الصدد، أكدت «لا كروا» أن سبب تزايد النشاط العدواني التركي هو رغبة أردوغان في الاستمرار، وهذا العدوان هو ما مكّن تركيا في الأيام الأخيرة من تسجيل نقاط في ليبيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ومن تعزيز مكانتها كقوة إقليمية. وتنقل الصحيفة الفرنسية عن مختصين ومحللين سياسيين قولهم إن هذه النجاحات الدولية تهدف قبل أي شيء آخر إلى تعزيز قوة أردوغان، الذي هو في وضع هش للغاية في الداخل.