الشاعر السوداني سيف الدين الدسوقي في غربته طلباً للرزق كتب في نهاية المسيرة وبعد سنوات من الركض في الغربة:
(عُد بي إلى النيل لا تسأل عن التعبِ.. قلبي يحنُ حنينِ الأينُقِ النُجبِ / من كان يحملُ مثلي هم موطنه.. يأبى الغياب ولو في الأنجمِ الشُهبِ)..
الشاعر الأرتري الراحل أحمد سعد في إحدى روائعه الخالدة في غربته هرباً من جحيم الاحتلال الإثيوبي لبلاده كتب (يا بلادى اذكرينى..
كلما عاد المساء..
فلعل الطيف يدنوا..
ويرش الليل حولي بارقات من ضياء)..
الشاعر ابن الرومي يتغنّى في الوطن (ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ.. وألا أرى غيري له الدهرَ مالِكا / عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً.. كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا)..
الشاعر الداغستاني الكبير رسول حمزاتوف يقول (كيف تستطيع أن تحب امرأة وأنت لا تحب الأرض التي أنبتتك وأنبتتها؟!) ربط الحُب والعلاقات الإنسانية بِحُب الأرض..
للوطن قيمة عالية في النفس البشرية، مهما كانت الظروف سيبقى الوطن أولاً، الارتباط بالأرض أكبر وأعمق وأكثر أثراً في نفس الإنسان، في كُل الشرائع والأعرف، حتى الأنبياء الذين واجهوا صعوبات في دعوتهم الناس كانت غُربتهم قاسية..
النبي الكريم محمد بن عبدالله لحظة خروجه من مكة مُهاجراً التفت إليها وقال (أَمَا وَاللَّهِ لأَخْرُجُ مِنْكِ، وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكِ أَحَبُّ بِلادِ اللَّهِ إِلَيَّ وَأَكْرَمُهُ عَلَى اللَّهِ، وَلَوْلا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مَا خَرَجْتُ) يُفطر القلب وتنكسر الروح بفقد الوطن..
أخيراً..
ما حدث في خيمة القذافي من صفقات بين الضباع المسعورة يكشف لنا حجم البؤس الذي يعيشه من يتاجرون بأوطانهم، أن تُصبح عميلاً لا مُهمة له في هذه الحياة سوى التفكير والتخطيط لتدمير الوطن فهذه حياة ذُل وهوان حقيقي، بشعة هذه الحياة عندما يفقد الوطن قيمته في روح إنسان ما، سيتحول لوحش، تمسكوا بأوطانكم دائماً، كراماً فيها، أحراراً، آمنين مُطمئنين، لا شيء يعدل الوطن في هذه الحياة، لا بديل للوطن..
aahkfd1@