فالصورة تختصر الكلمات لتصبح بحدّ ذاتها لغة تعبيرية، فتتجاوز تلك الكلمات لتصبح علما قابلا للتأويل والتفسير والقراءة كمجال مستقلّ، وهي أيضا تعدّ فناّ معبّرا وذاكرة بصرية مشحونة بتفاصيلها المعنوية والمادية.
كما تمكّنت من خلق تسلسل تفاعلي بين الأزمنة وروابط مختلفة للأمكنة وعلاقات معنوية مؤثرة للأفراد، وهنا تكمن أهميتها التي تحوّلها من عنصر مادي إلى مادة لها قدرتها على تحريك الحواس الذهنية.
ولعل الصورة في مجال الثقافة الفنون وفي رؤى التطوير ومعاني الفهم والانفتاح تحمل أكثر وأبعد من تلك الميزات التي ذكرت؛ لأنها قد تشكّل ملامح المجتمع باختلاف مراحل تطوّره ونهضته؛ وبالتالي فإن التعامل معها كمجال يستحق الاهتمام يقع ضمن باب حفظ الذاكرة والتماهي معها والاستفادة من تفاصيلها التي تشكّل صورة وطن بأكمله.
ولعلنا هنا إذ نسلّط الضوء على الصورة، نذكّر أنه تقع على عاتق وزارة الثقافة والمؤسسات التي تتعاون معها وكل المؤسسات المعنية مسؤولية توظيفها والبحث في عمقها وتجاوز سطحيتها نحو دلالتها الرمزية وعلاماتها التي تعكس الثقافة والهوية.
لأن تلك الصورة كمفهوم قادرة على التوافق مع فكرة الثقافة البصرية، التي تسعى رؤى التنمية والتجديد في وزارة الثقافة إلى توظيفها خدمة للوعي البصري والذائقة الجمالية والتفكّر الدلالي، إضافة إلى دورها في محاولة القبض على اللحظة لا من أجل تلك اللحظة وإنما للتعامل معها كرسالة قادمة من الماضي إلى المستقبل، ولعل فكرة إنشاء بنك لحفظ الصورة وترتيبها الزمني وقراءتها المرحلية وتوثيقها تعدّ من الضرورات التي يجب ألا نغفل عنها كهيئات ثقافية، وأن نركّز عليها لتنمية القدرات على الفهم والتبصّر والقراءة والوعي البصري بالجمالي وبالانعكاس المتأمل القادر على التمييز من خلال الفهم والتذوّق.
yousifalharbi@