ومضى الكاتب يقول: على ما يبدو، فإن كثيرا من اللبنانيين لا يدركون أن أزمتهم الوطنية هي في الحقيقة من صنع لبنان نفسه. وبعضهم يلوم الحظر الأمريكي، الذي هو في الحقيقة غير موجود.
الحروب الإقليمية
وأشار إلى إن إلقاء اللوم في غير موضعه الحقيقي يعمي الدولة عن السبب الفعلي للأزمة وهو: حزب الله.
وأردف: باستثناء العقوبات التي فرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، التابع لوزارة الخزانة الأمريكية المعني بمكافحة الإرهاب، على بعض الكيانات والأفراد اللبنانيين المرتبطين بحزب الله، لا توجد قيود مالية على دولة لبنان أو أي إجراء جوهري ضد مؤسساتها، سواء العامة أو الخاصة.
وأضاف: لكن حتى دون الخضوع لعقوبات، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يحرك النمو الاقتصادي عادة يحجم عن لبنان. المستثمرون الأجانب غير مستعدين لجلب أموالهم إلى بلد يعيش في حالة حرب أبدية، حيث يتورط حزب الله حاليا في حروب إقليمية، في سوريا واليمن والعراق، أو يهدد بخوض حرب مع إسرائيل.
فساد الحزب
ولفت إلى أنه عندما عقدت مجموعة أصدقاء لبنان مؤتمرا دوليا منذ عامين تم التعهد بحزمة إنقاذ تساوي 11 مليار دولار أمريكي، وكانت الشروط الوحيدة هي أن بيروت ينبغي أن تنظم نفسها وتقضي على الفساد وتخصخص مرافق الدولة، خاصة مؤسسة كهرباء لبنان التي تفتقر للكفاءة.
وأوضح أن المتبرعين، لم يرهنوا مساهمتهم بنزع سلاح حزب الله، الذي تصنفه العديد من الدول كمنظمة إرهابية.
وتابع: لعل المجموعة أدركت أن الفساد هو شريان الحياة لحزب الله. لذلك إذا نجح لبنان فعلًا في إصلاح الفساد، فسوف يودع معه زعيم حزب الله حسن نصر الله ومساعديه.
وأكد الكاتب على أن مأساة لبنان هي أنه لا يستطيع الإصلاح، موضحا أن ميليشيا حزب الله لن تسمح له بذلك.
بلطجية الحزب
وأضاف: لأن الإصلاح غير وارد، فإن لبنان سيظل معتمدا اعتمادا متزايدا على الحوالات المالية القادمة من العدد الهائل من المغتربين. ورغم أن هذه التحويلات من بين الأعلى في العالم، لكن لا يمكن بناء اقتصاد حديث على مثل هذا النظام الريعي الواسع والعميق، الذي يستنزف الطموح وريادة الأعمال، بينما الدولة في أمس الحاجة للتغيير.
وأردف: عندما بدأ الاقتصاد اللبناني تراجعه الأخير في شهر أكتوبر الماضي، نزل المواطنون اللبنانيون إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير. لكن حزب الله اتهمهم بأنهم عملاء لقوى أجنبية. وأي إشارة إلى أن حزب الله هو المسؤول عن الانهيار الاقتصادي يقمعها بلطجية الحزب، الذين يضربون المحتجين في الشوارع.
لكن، وبحسب الكاتب، فإن العنف لم يكن أداة حزب الله الوحيدة، حيث شن في الوقت نفسه حملة معلومات مضللة صورت لبنان كضحية للعقوبات الأمريكية، كما يفعل النظام السوري والإيراني.
وتابع: كما ربط الحزب ومؤيدوه كل مناقشة في لبنان بإسرائيل. أيا كان الموضوع أو المشكلة، يكررون شعار أن الحزب يستعد لشن حرب على إسرائيل، وتدمير الجار الجنوبي للبنان وإرسال الإسرائيليين للمكان الذي جاءوا منه.
وأردف: بغض النظر عن مدى وجود صلة بين مشكلات لبنان بهذا الأمر، سواء كانت ضعيفة أو مستبعدة، لكن عندما يتم الرد على الشكاوى من سعر الخبز بالحرب على إسرائيل، فإن هذا يعني عدم وجود مكان لخطط الاقتصاد الكلي أو دعم الأعمال.
قاعدة للصواريخ
ومضى يقول: بالنسبة إلى حزب الله والأوليغاركية التي يحكمها، فإن قصة لبنان هي قصة حرب فقط. لقد حولوا الدولة إلى قاعدة صواريخ إيرانية يهددون بها إسرائيل ويبتزون بها الولايات المتحدة. وطالما أن طهران غير مستعدة للتخلي عن استثمارها، فإن هذا وصفة الكارثة الاقتصادية التي تتزايد في لبنان.
وأكد الكاتب أن روايات حزب الله الخيالية وخططه الوهمية عن تدمير إسرائيل تشكل مزيجا يشوه المنطق، مضيفا «لذلك ليست مفاجأة إذًا أن الكثير من اللبنانيين العاديين يلومون الولايات المتحدة على مشاكل الدولة. لكنهم يجب أن يتوقفوا».
وأشار إلى أنه إذا خلص اللبنانيون إلى تعريف حزب الله على أنه آفة بلدهم، فربما يبدؤون في إيجاد طريقة للخروج من المستنقع، وربما يبدؤون في الضغط على الطبقة السياسية لنبذ حزب الله.
واختتم بقوله «حتى الآن، لم يحدث هذا. حتى الآن، لبنان يلوم الآخرين ولا ينوي الانقلاب على عدوه الموجود بالداخل».