دقائق معدودة في أحد الطرق الرئيسية في الرياض أو الدمام أو جدة، امعن النظر للعابرين في مركباتهم لتعلم حجم الخطر الذي يواجه مجتمعنا، سرعة جنونية وتجاوز متهور مع عدم مسؤولية، تجعلك تضع يدك على قلبك عند أي اتصال في وقت غير متوقع، تخشى أن تسمع خبرا محزنا دائما ما تكون الحوادث المرورية سببا فيه.
وحتى نكون أكثر واقعية فإن هذه المشكلة ليست مرتبطة في مجتمعنا فقط، إنما العالم بأسره يعاني من هذا الموضوع المقلق، وهذا لا يجعلنا نرضخ للوضع العالمي وإنما بذل الجهود للحد من هذه الظاهرة التي لم تتوقف يوما.
على سبيل المثال، في المملكة خلال جائحة كورونا كان المتوسط قريبا من الخمسين حالة وفاة يوميا وهو الأمر الذي أقلق الجميع، بينما الوفيات في حوادث السيارات أصبحت أمرا عابرا لا يثير قلقنا بسبب تكراره وعدم توقفه. أكاد أجزم أن عدد الوفيات في المملكة خلال جائحة كورونا وتحديدا أثناء المنع، هو الأقل في العشر السنوات الماضية دون أدنى مقارنة لأن السيارات حينها كانت متوقفة.
أعلم حجم العمل التي تقدمه القطاعات الحكومية منذ سنوات للحد من حوادث السيارات، لكن الأمر لا يقبل التوقف أو تقليل الجهود والقناعة بأن الأمر أصبح خارج السيطرة. يجب أن يتضاعف العمل على الحد من التهور في قيادة المركبات، بسن أقسى العقوبات وتكثيف الجهود بين القطاعات الحكومية كافة.
أتمنى أن أرى مبادرة وطنية كبرى، تجمع المرور ووزارة الصحة ووزارة النقل وإمارات المناطق، وكل قطاع حكومي له علاقة في هذا الجانب الذي أصبح مظلما ومخيفا للجميع بلا استثناء. وأن يكون للقطاع الخاص دور في ذلك، من خلال رعاية بعض البرامج والأفكار حتى يكون هناك تأثير على ثقافة المجتمع بأكمله. وبالذات أن الجميع يعلم أن الأمر بالغ الأهمية ولا مجال للتهاون فيه، لكنه يحتاج إلى تذكير وتنبيه بين فترة وأخرى.
أما عن المتهورين والمتهورات في قيادة المركبات فأقول لهم: لوهلة عليكم تذكر والدتكم التي تعبت عليكم منذ أن كنتم داخل أحشائها، ولوالدكم الذي يعمل ليل نهار حتى يشتري لكم طعاما ولباسا. عليكم التفكير بأطفالكم الذين يرونكم الأمل في حياتهم، والنور الذي يضيء طريقهم ويسهل صعوبات الحياة عليهم. كل هذه التفاصيل الهامة، قد يتم نسفها من أجل سرعة على موعد يقبل التأخير، أو محادثة عابرة يمكن تأجيلها، لا يوجد إهمال مثل فقد الحياة وترك الأحباب من أجل تهور غير مسؤول، وتصرف لا يمكن تبريره بعد أن يعض من حولكم أصابع الندم.
fares2232 @