نفس أحمد رنت إلى مصدر تلك السيارة. من أين جاءت. وكيف؟ هناك أرزاق، بل هناك أناس يتعاملون مع السيارات وغيرها. في جدة رأى البحر وجلس إليه يحاوره في صمت. من أنا؟ كيف أكون؟ وجاء الجواب مزمجرًا: «أن تكون شخصًا فاعلًا في دنيا الوطن..
امتلأت قبضة أحمد بالريالات الفضة نتيجة عمله.. تذكر عمته وجميع أقاربه. قرر العودة إلى القرية ومعه هدايا للرجال والنساء الكبار منهم والصغار. أما عمته فملأ عينيها وأذنيها بدوي الريالات الفضة. تبادله التحية بأن ذبحت الخروف وأعدت عشاء لأهل القرية، ووجهت أحمد بالترحيب بهم والحفاوة بهم.. وما كان ذلك منها إلا خطوة في سبيل صناعة الرجل الواعد. عاد أحمد للمدرسة.. وهجرها في عام التخرج ومرة أخرى سافر إلى جدة، حيث الكرامة الشخصية وحيث الساحات الفسيحة للبحث عن الحياة في مجد. تلفت يمينًا ويسارًا.. جلس إلى البحر متسائلًا وسمع البحر وكأنه يقول له إن الحياة في الحركة. تحرك أحمد ودخل مدارس ليلية وأخرى لتعليم الكتابة على الآلة الكاتبة إلى أن أصبح عاملًا لصف الحروف في مطابع الأصفهاني بجدة.
برز أحمد عندما امتنع العمال القادمون من الخارج عن العمل فتولى بنفسه مع القلة من زملائه السعوديين، صفوا الحروف وأخرجوا الجريدة وطبعوها (عين الحسود فيها عود!).
وكعادته من موقعه الجديد نسب نفسه وانتسب إلى قائمة الوجوه الثقافية البارزة في البلاد. معهم تعلم، بينهم امتلك ناصية اللغة. شاركهم الكتابة فكانت له زاوية أسبوعية همّها تقدم الوطن بجهود بنيه.
إنه العصامي الذي قارع صنوف الصعاب والعقبات، فهو بحق (يتيم تحت الشمس).
أصدر أحمد ديوانه (للقوافي شجن)، وسيرة حياته بعنوان (بين هؤلاء عشت). وفيهما رسم أحمد صورة الوطن الصاعد نحو العز والمجد.
مرحى للأستاذ أحمد بن حامد المساعد الغامدي. ومرحى لسيدة بيته العامر أم وجدي. وأهلًا بوجدي وإخوانه. والله أسأل تحقيق الأهداف والغايات.