وأضاف: أعلن حسن نصر الله زعيم حزب الله مؤخرًا في خطاب تليفزيوني أن لبنان يجب أن يتوجّه شرقًا للصين لإنقاذه من أزمته الراهنة.
واشار إلى أن دعوة نصر الله هذه أصابت الجمهور اللبناني بالارتباك، لكن الأثر الناتج عن هذا سيكون واضحًا، وهو أن لبنان لن يطلب مساعدة صندوق النقد الدولي.
وتابع يقول: لقد كان حجم هذه الأزمة الاقتصادية واضحًا للعيان، حيث تدهور اقتصاد البلاد لمستوى كارثي، لكن لبنان، وبعض قواه المحافظة الرجعية، دائمًا ما كانوا يرون أنفسهم باعتبارهم مركزًا للنفوذ والقيم الغربية في الشرق الأوسط.
ويقول التقرير: إن نصر الله ليس وحده بين صناع القرار اللبنانيين الذين يعتقدون أن البلد ربما لن يكون قريبًا أمامه أي خيار سوى الدخول في فلك الصين السياسي والاقتصادي. وهذا لو حدث، بحسب المحللين، سيمثّل صفحة جديدة ومضطربة في تاريخ لبنان.
ومضى يقول: يعيش الاقتصاد اللبناني حالة فوضى، ما يهدد بانضمام هذا البلد لزيمبابوي أو فنزويلا، باعتباره واحدًا من أسوأ كوارث العالم الاقتصادية.
وتابع: منذ أكتوبر 2019، فقدت الليرة اللبنانية 80 % من قيمتها، وتراجعت من سعرها المثبت البالغ 1500 ليرة مقابل الدولار، لتصل إلى 8 آلاف ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء.
ومضى التقرير يقول: أصبحت الرواتب التي يحصل عليها اللبنانيون بالعملة المحلية بلا قيمة، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية بمعدل 3 أضعاف. وكان تأثير ارتفاع أسعار الطعام شديد الوطأة خصوصًا على الطبقتين المتوسطة والدنيا، كما أصبح انقطاع الكهرباء أمرًا معتادًا.
وأردف: بدأ بعض اللبنانيين في استخدام نظام المقايضة، فيما يزداد لجوء الشباب لإجراءات يائسة لكسب رزقهم.
النخبة الحاكمة
وأضاف: لكن النخبة الحاكمة في لبنان تواصل التلكؤ في إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية لوقف الفساد وإعادة هيكلة المصارف المثقلة بالديون، وهي إجراءات ضرورية للحصول على دعم مالي قدره 10 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.
ونقل التقرير عن دبلوماسيين أجنبيين اثنين، قولهما إن الانقسام داخل الفصائل السياسية اللبنانية هو السبب في عدم إفراج صندوق النقد الدولي عن القرض حتى الآن.
وأردف: مؤخرًا، استقال آلان بيفاني، أحد أبرز مفاوضي لبنان مع صندوق النقد الدولي من منصبه الرفيع في وزارة المالية.
ونقل عن بيفاني، قوله: وصلت لطريق مسدود مع النخبة السياسية والمالية في لبنان. يعرقل أصحاب المصالح طريق التغيير؛ لأن أي مساعدة مالية تشترط إجراء خصم قسري بقيمة 3 مليارات دولار على حسابات مصرفية يملكها أكبر أثرياء لبنان.
خصم قسري
وبحسب المجلة، تعرّضت حسابات ملايين اللبنانيين لخصم قسري فعلي منذ أن فرضت المصارف ضوابط على رأس المال في منتصف نوفمبر 2019، ورفضت السماح لهم بسحب أموالهم. وبعد بضعة أيام من استقالة يفاني، تم تعليق المحادثات مع صندوق النقد الدولي بالكامل.
وأردف تقرير «فورين بوليسي»، من بين الدول القليلة التي تستطيع التوسط بشكل مثمر بين صندوق النقد ولبنان هي الولايات المتحدة، وهي حليف تقليدي لبيروت وأكبر مساهم في صندوق النقد الدولي. لكن حتى مع تفاقم أزمة لبنان الاقتصادية، كثّفت الجهات السياسية في الولايات المتحدة ولبنان من حربها الكلامية فيما بينها، حيث اتهم حزب الله الولايات المتحدة بأنها تعمّدت وقف تدفق الدولارات إلى لبنان، بينما اتهم ممثلو الولايات المتحدة الحزب بتخزين الدولارات وبالقيام بعمليات تهريب واسعة.
حضور صيني
وتابع التقرير: بالرغم من حضورها السياسي الضعيف في المنطقة، تنتظر الصين دورها في الزاوية، وتستعد أن تحل محل الولايات المتحدة بوصفها أكبر جهة خارجية مهيمنة في لبنان. وتحاول شركات صينية إطلاق مشاريع كبيرة في لبنان منذ عقد من الزمان، وتهتم هذه الشركات بشكل خاص بالاستثمار في البنية التحتية اللبنانية.
وأردف: يأتي 40٪ من واردات لبنان من الصين، وفي الأعوام القليلة الماضية، عززت بكين من علاقاتها الثقافية عبر بناء مركز موسيقي جديد في بيروت. وأرسلت بكين مساعدات عسكرية أثناء حرب لبنان عام 2006، كما نشرت قوات حفظ سلام في وقت لاحق. وأثناء جائحة كورونا، مارست الصين دبلوماسية ناعمة وزودت لبنان بمساعدات طبية، من بينها أجهزة اختبار.
وتابع: قليلون من ظنوا في البداية أن مبادرات الصين تجاه لبنان ستغير الحسابات الأساسية لصنّاع القرار اللبنانيين، وذلك نظرًا لاعتماد النظام المصرفي اللبناني على الدولار الأمريكي وتحويلات المغتربين اللبنانيين العاملين في الغرب. وأضاف: لكن لبنان بات الآن يائسًا بما يكفي لكي يدرس فكرة الحصول على أي مساعدة يمكن أن تقدمها بكين.
مساعدة بكين
اجتمع رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب مع السفير الصيني سعيًا للحصول على مساعدة الصين وتوسيع التعاون بين البلدين.
ونوه إلى أن اهتمام الصين في الشرق الأوسط يتركز اليوم على مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف لتوسيع نفوذ الصين حول العالم عبر العلاقات الاقتصادية.
وأردف: ترغب الصين في إعادة إحياء الطرق وخطوط السكك الحديدية البالية منذ زمن طويل عبر ربط بيروت وطرابلس على ساحل لبنان في البحر المتوسط بمدن سورية مثل دمشق وحمص، وما بعدهما، ضمن شبكة أوسع للبنية التحتية تسيطر عليها الصين في منطقة أوراسيا. كما أن تقليل النفوذ الأمريكي في لبنان سيكون مكسبًا إضافيًّا للصين.
ونوه إلى أن احتمالات الشراكة مع الصين تثير اهتمام بعض اللبنانيين، لكن عددًا من المراقبين السياسيين، من بينهم بعض الأشخاص في الحكومة، يحذرون من استغلال الصين المحتمل للبنان. ونقل عن عضو في البرلمان اللبناني قوله: أشك في قبول بعض اللبنانيين بالصين في حال تطلب ذلك تقليص العلاقات مع الولايات المتحدة. نحتاج لتقييم مدى جاهزية اللبنانيين أولاً. وما إذا كانت الشروط الصينية مقبولة أم لا.