ووصف الكاتب الصراع بأنه أقدم صراع في أوروبا، حيث يعود إلى عام 1988، عندما كان هذا أول نزاع عرقي إقليمي بين دولتين قوميتين من الاتحاد السوفيتي يقلق ميخائيل غورباتشوف.
صدام كبير
وأردف الكاتب: الصراع يتعدى كونه إقليميا، حيث إنه صدام كبير على التاريخ والهوية بين دولتين خسرت كلتاهما بشكل مؤسف على يد الأخرى، حيث بلغت الخسائر 20 ألف قتيل إضافة إلى نزوح جماعي لأكثر من مليون شخص.
ومضى يقول: يستمر اليوم كصراع مكتمل بين دولتين تشاركتا ماضيا سوفيتيا، لكنهما لا تزالان حبيستين لعداواتهما إحداهما تجاه الأخرى.
وأضاف بقوله: وضعت اشتباكات الأسبوع الماضي حدا لفترة التناغم التي استمرت لعامين والتي بدأت مع وصول قائد جديد إلى السلطة في أرمينيا، وهو نيكول باشينيان، بعد الثورة السلمية في يريفان في 2018. وقد رحّبت أذربيجان بالرجل الذي ينتمي إلى جيل لم يكن مرتبطا بصراع 1991-1994 المرير.
وأردف الكاتب: منذ أن ربح الجانب الأرميني انتصارا عسكريا على الأرض ووقع الجانبان على معاهدة وقف إطلاق نار في مايو 1994، تمت إقامة ما يُعرف بخط التماس والذي يمتد عبر الأراضي الأذرية بطول 110 أميال ويفصل القوات المسلحة على كلا الجانبين، ويعتبر المكافئ الأوروبي لخط السيطرة في كشمير.
وتابع: عبر الحدود الدولية بين البلدين، تبادل الجيشان إطلاق النار، بالأسلحة الخفيفة في البداية، ثم على مدار العقد الماضي بأسلحة أكثر فتكًا، بقناصة بعيدة المدى، وقذائف هاون ومدفعية. وفي أبريل 2016، عاد الجانبان إلى الحرب لأربعة أيام وقتل حوالي 200 شخص.
تصعيد جديد
وأضاف: في 2018، اتفق باشينيان والرئيس الأذري إلهام علييف على وقف تصعيد التوترات على خط التماس. وللمرة الأولى أقاما خطا هاتفيا ساخنا بين قادة الجيش. وانخفضت مستويات العنف إلى ما يقترب من الصفر، في علامة تؤكد على أن إطلاق النار لم يكن عرضيا بل كان دائما بموافقة سياسية من القيادة الأعلى.
ومضى يقول: كانت الحالة المزاجية إيجابية أكثر من السنوات السابقة، كما كان هناك أمل في استئناف عملية المفاوضات المتعثرة. وفي يناير 2019، اتفق وزيرا الخارجية الأرميني والأذري على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لتحضير الشعبين للسلام.
وأضاف: رغم ذلك، لم يتغير شيء جوهري. وواصل القائدان والدولتان اتخاذ مواقف تستبعد الطرف الآخر وتأكيد كل منهما على أن إقيلم ناغورنو كرباخ ينتمي له. سافر رئيس الوزراء باشينيان إلى ناغورنو كرباخ وهتف بكلمة «الوحدة» في مسيرة شعبية للتأكيد على أن الإقليم وأرمينيا لن ينفصلا أبدًا.
علييف يحذر
بينما حذر الرئيس علييف من أن أذربيجان لن تتخلى أبدًا عن مطالبها، قائلًا إن الحرب لم تنته. وتابع: مع القتال الذي وقع الأسبوع الماضي، انتهت فترة الانسجام التي امتدت لعامين. بمجرد أن بدأ إطلاق النار، اشتعل الشعبان على الفور، وشهدت مظاهرة غاضبة في باكو اقتحام المحتجين لمبنى البرلمان والمطالبة بتصعيد الحكومة للصراع ضد الأرمينيين. وفي يريفان، هتف مجموعة من الأشخاص وألقوا أشياء على السفارة الأوكرانية، محتجين على إعلان أوكرانيا التضامن مع أذربيجان.
وأشار «وال» إلى أن ذلك يقلص المساحة المتاحة للمفاوضات والتفاهم. كان رؤساء مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد توصلوا لوثيقة إطار عمل تُعرف بالمبادئ الأساسية، منذ أكثر من عقد، والتي ترسم حلًا مرحليًّا للصراع، لم يرفضها أي جانب، لكن التنازلات الداخلية التي تقترحها أكبر من أن يلتزم بها أي قائد أرميني أو أذري.
وبحسب الكاتب، يميل الكثيرون لإدخال الجغرافيا السياسية في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، ويرونه كامتداد للخصومة التقليدية بين روسيا وتركيا في المنطقة.
ونوه بان هذا يتجاهل حقيقة أن العوامل الداخلية لا تزال هي المحرك الرئيسي للصراع وأن روسيا لديها مصالح مع الجانبين.
روسيا وتركيا
وأردف: على عكس أبخازيا أو أوسيتيا الجنوبية أو ترانسنيستريا أو أوكرانيا، لا يوجد جنود روس في إقيلم ناغورنو كرباخ. كما تحتفظ روسيا بقاعدة عسكرية في مدينة جيومري الأرمينية وأرمينيا عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي أطلقتها روسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
وأضاف: يتمتع نظام بوتين أيضًا بعلاقات وثيقة مع النخبة الحاكمة الأذرية، التي هي عبارة عن أشخاص متآلفين في دولة تعتمد على البترول، والتي تشبه روسيا من طرق متعددة.
ومضى يقول: بينما تدعم تركيا أذربيجان لكنها لا ترغب في رؤية صراع آخر في منطقة جوارها، تمد أذربيجان تركيا بالنفط وكميات متزايدة من الغاز من حقل شاه دينيز في بحر قزوين وهي مستثمر كبير في تركيا الحديثة.
وأضاف: خفضت الولايات المتحدة، التي كانت في السابق وسيطًا نشطًا، مشاركتها بشكل كبير على مدار العقد الماضي، خاصة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ومضى يقول: هذا يعني أن روسيا وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لديهم نفوذ كاف لاحتواء الجانبين، لكن لا يوجد وقت أو طاقة أو رغبة في محاولة فرض السلام عليهما، ناهيك عن تقديم قوات حفظ السلام اللازمة لتطبيق الاتفاقية.
واختتم بقوله: في النهاية هناك أمل في التوصل لاتفاقية وقف إطلاق نار هشة بعد هذه الجولة من القتال، لكن مع الأسف، ربما ينشأ جيل آخر قبل أن يقترب الصراع الأرميني الأذري من التسوية النهائية.