ومن الأمور التي أريد أن أشير إليها، أن العاقل في مثل هذ الأيام من يشجع نفسه للقيام بأعمال خير من صلاة أو صيام أو قراءة قرآن أو صلة رحم أو صدقات أو غيرها. ومن الحكمة أن يركز أيضا على الجوانب التي يجد لنفسه فيها إقبالا، خصوصا أن هذه الفترة من العام هي (عشرة أيام) فقط، وتساوي (2.7 %) من عدد أيام السنة.
وهذه الأيام تذكرني أيضا بقاعدة كنا تعلمناها من الكتب وتجارب الحياة وهي مبدأ (التركيز). بحيث نركز على (20 %) من الأعمال التي تعطي (80 %) من النتائج. وهذه من النظريات أو القواعد التي نعمل بها في أنماط مختلفة من الحياة، فحري بنا أن نطبقها على مواسم الخير والأيام الفضيلة من السنة. والفكرة هي الحرص على المواسم الدينية والأيام الفضيلة؛ لأنها تعطينا أجورا أكثر وأكبر في أوقات أقل! (20 % من أيام السنة تعطي 80 % فأكثر ثوابا ونتائج).
وأنه من المهم كذلك التوازن بين النشاط والفتور، ولكن الشعور بالخمول والكسل عن الخير في مثل هذه الأيام هي كالعلامات التحذيرية على الطريق. وهنا يبرز دور العقل في معرفة كيفية ضبط النفس بين هاتين المرحلتين. والشاعر يقول:
إذا هبت رياحك فاغتنمها... فعقبى كل خافقة سكون
ومن المستغرب حقا أن هناك زخما كبيرا وحثا ونشاطا بين الناس على الاستفادة من شهر رمضان الكريم وخصوصا العشر الأواخر منه (وهي بلا شك تستحق ذلك)، ولكن في المقابل لا نجد نفس الزخم الكبير لهذه الأيام العشرة من ذي الحجة. مع أنه جاء في فضلها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء». بالإضافة، أن جمهورا من المفسرين منهم ابن كثير والطبري -رحمهما الله- يرون أن المقصود من قوله سبحانه وتعالى: «والفجر (1) وليال عشر» هي العشر من ذي الحجة.
الفرص في الحياة لا تأتي دوما، وهي قد تمر علينا سريعا دون أن ننتبه لها، ولكن الفطن من يعرف متى يهرول للخير هرولة، ومتى يمشي.
abdullaghannam@