ومعظمهم لا يقدّم محتوى يعكس قيمة حقيقية يمكن الاستفادة منها، بل إن كثيرًا منهم أصبحوا واضحين في انغماسهم بتوافه الأمور،
إضافة إلى أن ما يقدمونه من محتوى فارغ للأسف يعزز واقعًا إسرافيًا مقيتًا.. ناهيك عما ينمّيه في حياة الناس من صناعة الوقاحة.
كما أن بعضًا منهم يحرصون على المشاركة في كل محتوى فارغ؛ ليعملوا على نشره ودعمه، دون هدف واضح، وكأنهم في سباق مع الزمن.
ورغم أن بعض هؤلاء المشاهير قد خلطوا عملًا صالحًا بأعمال سيئة كثيرة إلا أنهم للأسف الشديد يجدون إقبالًا كبيرًا من المتابعين والمقلدين مما يعزز أحلام اليقظة لدى الكثيرين، خاصة المراهقين الذين لا يميّزون الغث من السمين.
وقد قالها الكاتب المعروف فهد الأحمدي:
إن السر يكمن في أن "للتفاهة جاذبية" تضمن نجاح حتى البرامج السطحية والحسابات الفارغة.
والإشكالية الكبرى هي أن كثيرًا من المتابعين يبحثون عن صانعي التفاهات لأسباب عديدة ناسين أن متابعتهم هذه النوعية من المشاهير تعززهم، وتدعم وجودهم في هذا العالم، وتجعلهم شركاء لهم في صناعة التفاهة.
فهم يقتاتون على متابعيهم ويُسَوِّقُون لأنفسهم بناءً على أعداد متابعيهم، وحتى مشاهديهم.
فلا يظن الواحد منا أن فلانًا منهم اشتهر وحده فقط، وإنما شهرته كانت بسبب متابعتنا له، ونقلنا أيضًا لمشاركاتهم لأصدقائنا ومتابعينا.
ولعلنا لا نقف عند حد استنكارهم فقط؛ بسبب سوء ما يقدمونه من محتوى بل يجب ألا نترك منبرًا إعلاميًا إلا وأوضحنا خطرهم، فقد آذونا في بيوتنا وأشغلوا الأبناء والبنات في توافه لا تسمن ولا تغني من جوع، ناهيك عن خطر تقليدهم في تصرّفاتهم السقيمة.
ولعل فضيحة مشاهير التواصل الاجتماعي في إحدى الدول الخليجية وغسيل الأموال والتحقيقات التي تتم في هذا الجانب قد تلحق بالأثر، كما قيل على عدد من المشاهير في بلادنا.
مما قد يدفع الجهات المختصة إلى تعزيز السياسات الرقابية على هذه النوعية من وسائل التواصل ومشاهيرها، وتضع تراخيص إعلامية لها تعزز من مصداقيتهم خاصة لمن يُخصّص حسابه للنشر الإعلامي بدلًا من هذا الانفلات غير المنضبط، وتعيدهم إلى أوضاعهم الطبيعية.
وفي خضمّ هذه الحسابات المنفلتة يبرز مشاهير يستحقون التقدير يقدمون محتوى رائعًا لا يخلطونه بأعمال سيئة، وهم كما وصفهم الإعلامي المميز فيصل العبدالكريم، وهو أحدهم، واجهات جميلة ومشرّفة تمثل مجتمعنا.
وهؤلاء المميّزون ليسوا بقلّة، ولا هم من ناحية المحتوى ضعفاء، بل تجد عندهم تعددًا معرفيًا مذهلًا يُثري مَن يقرؤه ويتابعه.
وكما دعونا الجهات المختصة إلى ضبط المشهد المنفلت ندعوها أيضًا إلى تكريم هؤلاء المميّزين من المشاهير ودعمهم بكل الطرق الممكنة، وإتاحة الفرصة لهم لتغطية الفعاليات والأحداث بشكل رسمي وموثق. والاستفادة منهم في تحسين المشهد الإعلامي الذي برأيي لم يستطع حتى اليوم نقل إنجازات الوطن للداخل والخارج على حدٍّ سواء.
dhfeeri@