وإلى حين انتظار نتائج التحقيقات بشأن انفجار بيروت بالرغم من عدم ثقة اللبنانيين بالتحقيق المحلي، فهم يطالبون بلجنة تحقيق دولية، حصلت «اليوم» على معلومات علمية يتداولها خبراء متفجرات في واشنطن مفادها بأن انفجار مادة «النترات»كما تزعم السلطة اللبنانية يسفر عن دخان أُسود، وليس دخانا أبيض وأحمر كما شوهد في سماء بيروت وضواحيها، بالإضافة إلى أن مادة «النترات» مهما كانت كميتها وحجمها فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنفجر على شكل «فطر»، فهذا الشكل مشابه للانفجارات النووية.
شهود عيان
وأفادت المعلومات بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن انفجار مادة «النترات» مهما كانت كميتها أن تحدث هذا القدر من الانفجار الذي يعادل هزة أرضية بقياس 4.5 درجة، كما أن مادة «النترات» لا يمكن أن تنفجر إلا إذا تعرضت إلى قصف صاروخي من شأنه أن يخلق ما يسمى «صاعق تفجير» كفيل أن يفجّر مادة «النترات»، وهذا ما يرّجح فرضية تعرض المرفأ إلى قصف صاروخي وهو ما أكده شهود عيان لـ«اليوم».
وأخيراً، وبحسب معلومات «اليوم»، أن انفجار بيروت عبارة عن انفجارين، الأول كان بصاروخ يورانيوم مخصب أسفر عن تفجيرات صغيرة تبدو كأنها انفجار مفرقعات نارية وكانت مشاهدة بالفيديوهات، كما أن مادة «النترات» لا تنفجر بماس كهربائي أو حريق أو ارتفاع درجة الحرارة وإنما هذه المادة تنفجر عن طريق صاعق تفجير.
115 قتيلاً
ولا تزال عمليات إزالة الركام والبحث عن الناجين وعشرات المفقودين في حين بدأ الحديث الجدي عن جثث مفقودة داخل سفن كانت تفرغ حمولاتها بالإضافة إلى وجود جثث متفحمة وفي البحر، في حين لم تتضح حتى الساعة حجم الفاتورة البشرية والإنسانية التي دفعها لبنان من دماء أبنائه من شهداء وجرحى. وتجاوزت الحصيلة الأولية الـ 115 شهيداً والـ 4500 جريح وعشرات المفقودين.
ويسأل متابعون للشأن اللبناني عبر «اليوم» «من يتحمل مسؤولية الإهمال الذي حوّل بيروت إلى مدينة أشباح، فدّمر المرفأ ومخازن القمح وشركة الكهرباء ومئات لا بل آلاف المباني الرسمية والخاصة؟ من يستطيع أن يمحو آثار ما بعد حصول الانفجار؟ هل مكتوب على بيروت أن تستمر في تلقي الضربات، الواحدة تلو الأخرى من دون رحمة ومن دون حتى الحق في طلب الاستغاثة؟.
لا ثقة بالسلطة
ويشدد منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، في تصريح لـ «اليوم»، على أن الانفجار حصل في حرم مرفأ بيروت وعندما نتكلم عن مرفأ حرم بيروت نتكلم عن مكان بين 4 أو 5 كيلومترات مربعة وهذا المكان تحت سيطرة الأجهزة الأمنية بشكل كامل، وبالتالي المسؤول الأول عن هذا الموضوع هو السلطة، ومن هنا نحن لا ثقة لنا بهذه السلطة ونعتبر أن ما حصل هو مسؤوليتها الصافية ونطالب بلجنة تحقيق دولية لوضع يدها على هذا الملف.
ويقول سعيد: «أنا أنتظر الرواية الرسمية من قبل السلطات اللبنانية وأقول إن أي رواية ستقدمها هذه السلطة إن كانت من طبيعة الاعتداء أو عمل إرهابي أو إهمال أو تقصير، فهذا الموضوع مرفوض من قبلنا ولا ثقة لنا بما تقوله هذه السلطة، ولكن قبل كل شيء ننتظر الرواية الرسمية».
شكوك بالرواية
ويؤكد المحلل السياسي والمعارض الشيعي لقمان سليم، في تصريح لـ«اليوم»، أنه «مهما تكن الرواية الصادقة بشأن ما جرى وحتى ولو سلمنا بالرواية التي تقول بأن الحادث عرضي فهذه العرضية لا يمكن أن يتحمل المسؤولية عنها أفراد معدودة، حتى فرضية الحادث العرضي هي مسؤولية منظومة أمنية ـ قضائيةـ محمية ميليشياوية، علماً أنه منذ وقوع الانفجار أو الانفجارات، لأنه حتى اللحظة نحن لا نعرف تماماً إن كان الانفجار واحدا أو انفجارات عدة».
ويقول: «ثمة شكوك بالرواية الرسمية اللبنانية التي بدأت بالحديث عن مفرقعات ثم عن مواد ناسفة ثم عن كيميائيات وصولاً إلى موضوع النيترات، هناك شكوك كثيرة من قبل تقنيين، وأن الأمر يرتبط مجدداً بتخزين مواد غير تلك التي تم الحديث عنها وأن شيئاً ما أدى إلى هذه الانفجارات التي حدثت بالأمس».
حزب الشيطان
يضيف سليم: «الخلاصة نحن لم نكتشف بعد كل طبقات هذه النكبة التي حلت ببيروت بالأمس، مرفأ بيروت بشغل الآلاف ولا أعني فقط العمال اليدويين بل أعني أصحاب المؤسسات وشركات الشحن، هنالك الآلاف من اللبنانيين فقدوا أعمالهم، هنالك مدينة لا يمكن أن تقوم من حطامها بقرار وزاري أو غير ذلك، لبنان اليوم بأمس الحاجة إلى لجنة تحقيق دولية تكشف حقيقة ما جرى، ثانياً بحاجة ماسة إلى تدخل المجتمع الدولي والعربي لتحرير الدولة بمن يمنع قيامها ويفتح الباب للفساد وأعني بذلك حزب الميليشيا الذي لا يحدث فساد في لبنان تحت رعايته وأنظاره».
ويشير إلى أن «هناك تقارير سابقة أفادت بأن مرفأ بيروت ومطار بيروت وغيرها من المعابر البرية لا تخضع لسلطة الدولة اللبنانية، نحن في صلب القرار 1701 عندما نطالب بالسيادة لا نطالب فقط بالسيادة الخارجية مع الحدود بل مع السيادة الداخلية أيضاً، يجب أن نعلم من يمنع عملياً ممارسة الدولة لسيادتها والأمر واضح ألا وهو حزب الله».
بومبيو والحريري
أجرى وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو اتصالاً هاتفياً بالرئيس سعد الحريري، وبعد أن قدّم تعازيه في الضحايا الذين سقطوا بالانفجار الكبير الذي ضرب بيروت، وتمنى الشفاء العاجل للجرحى، عبّر رئيس الدبلوماسية الأمريكية عن تضامنه الكامل مع العاصمة اللبنانية وأهلها. وأبلغ الوزير بومبيو الرئيس الحريري أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقدم مساعدات عاجلة للبنان لمواجهة آثار الانفجار الكبير الذي ضرب بيروت.
وفي المواقف، أكد رئيس الجمهورية ميشال عون في مستهل جلسة مجلس الوزراء، «التصميم على السير في التحقيقات وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين والمقصِّرين، وإنزال أشد العقوبات بهم»، مشيراً إلى أنّه «سيعلن بشفافية نتائح التحقيقات التي ستجريها لجنة التحقيق وترفع نتائجها إلى القضاء المختص».
منظومة الإجرام
وعلى خلفية استقالة النائب مروان حمادة، غرّد اللواء أشرف ريفي عبر «تويتر»، قائلاً: «استقالة النائب مروان حمادة صرخة في وجه منظومة الإجرام والفشل والفساد التي تتحكم باللبنانيين وتفتك بهم. التحية الكبيرة له والدعوة للآخرين للاستقالة لإنقاذ الوطن. لا حياة للبنان بوجود هذه الطغمة، ولا أمل للبنانيين ببناء دولتهم إلا برحيل الدويلة».
وقال منسق «تجمع من أجل السيادة» نوفل ضو عبر «تويتر»: «تحجيم الكارثة التي حلّت إلى حدود تحقيق قضائي وإداري لمحاسبة موظف مهمل أو مقصّر جريمة تفوق الكارثة التي حلّت بلبنان بشراً وحجراً!. ما حصل جريمة سياسية جوهرها مصادرة قرار الدولة وشلّ مرجعيتها وتعطيل مؤسساتها، والمحاسبة تكون باستعادة السيادة وإسقاط منظومة حزب الله السياسية والعسكرية!».
الإقامة الجبرية
قرّر مجلس الوزراء وضع كل المسؤولين المعنيين بانفجار المرفأ في الإقامة الجبرية، على أن يطلب من قيادة الجيش تنفيذ هذا القرار.
من جهة ثانية، أفادت معلومات بأنّ المجلس تبنّى جميع التوصيات التي رفعها اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، بما فيها إعلان حالة الطوارئ في مدينة بيروت لمدّة أسبوعين، وفتح تحقيق بانفجار المرفأ على أن تُعلن نتائجه خلال خمسة أيام كحدّ أقصى.
مجزرة «مرفأ بيروت» التي حدثت الثلاثاء لا تشبه الأحداث الأليمة والكارثية التي عصفت بلبنان قبل هذا التاريخ، فهذا البلد الذي عاش أياماً سوداء في الحرب الأهلية وما تلاها، 14 فبراير 2005، وحرب 2006 كما الأيام المريرة التي أذاقها «حزب الله» للبنانيين بسبب انخراطه في الحرب السورية وجعل لبنان ممراً لتنفيذ أجندة ولاية الفقيه في المنطقة، ها هو «حزب الله» اليوم يدمر عاصمة لبنان ويقتل المئات ويشرد الآلاف.