بقيت على قد الحياة وسط مدينة يقع قي قمتها الفلاسفة، التي وراء كل مواقفنا نسميها الجمعة.
تستيقظ غالبا متأخرا، تمشط فيه أزقة الذاكرة، وتجر خيباتك العظيمة. فإذا كنت محظوظا سيجالسك أحدهم ذلك الصباح أثناء تناول فطورك، وأما إذا كنت ممن تمردوا على قوانين القبيلة والمجتمع، الذي لا يعترف سوى بالنسخ المتطابقة، ففي ذلك الصباح بالضبط ستشعر بلعنة العزوبة. مهما كنت قويا ومهما أقنعت نفسك بضرورة تجاوز الأمر، فأنت لن تستطيع.
تغادر البيت وأفكارك مبعثرة كأسلاك الكهرباء، تقرر مطاردتها بفنجان قهوة مع أحد الأصدقاء إلى حلول وقت الصلاة.
تمضي العشية بأكملها في الاستهلاك وشراء مستلزمات الأسبوع باندفاع، لو وقفت لمهلة ستلاحظ أن قفتك امتلأت بمشتريات نصفها لا تحتاجه، بل قد تجد نفسك اشتريت من كل شيء زوجا... فوعيك تجاوز تعقل الحيثيات وأمر اللاوعي بأن يختار عري العاشقين مظلة.
في المساء، فيكفيك شاي أمك ليدلك. تتجه إذن نحو البيت القديم، تستغرب من تغير ملامح وجه أمك منذ آخر زيارة لك، تداعبك رائحة فنجان الشاي فتفضي الذكريات لسيف في الضلوع وتسله.
تغادر إلى بيتك وحيدا، فما من أحد يرافقك للسهر والاستمتاع بأول يوم من عطلة الأسبوع. يوم الجمعة الذي ينتظر العامة ليله بفارغ الصبر.
يحل عليك السبت... تمضيه مستلقيا على الأريكة، أمام شاشة التلفاز، مرتديا منامتك المريحة. تطرد أفكار الأمس وتعيش اليوم محايدا... قد تغلق الهاتف أمام الجميع لتعيش حياد السبت في سلام.
عطلة نهاية الأسبوع... تختارها بعناية، وتخطط لها بدقة ولكنها تمر مهرولة ومسرعة.
يأتي الأحد، بداية أسبوع جديد... هذا اليوم الذي تخصصه للمجتمع، لأرباب العمل، لضروريات الحياة المستعجلة... هذا اليوم الذي أخذ منك الكثير ومحاك بدون رحمة أو شفقة... يوم من سبعة أيام في حياة المستخدمين الأشقياء تحت كل الظروف.
هذه الحياة المملة... هذه الحياة التي تجبرك على مغادرة السرير الدافئ كل صباح... هل ستوصلك لحلمك ولما تريد؟ وأنت تهديها للآخرين.