ومن الأخبار المتكررة جدا زواج وطلاق المشاهير. والجانب السيئ أن مسائل الطلاق بينهم أكثر انتشارا. ولعل التأثير بدأ من هوليود حيث لا يكاد يخلو بيت لهم من هذه المعضلة. ثم للأسف انتقلت العدوى إلينا من المشاهير على مختلف فنونهم. وكم ينتشر لهم صور وابتسامات وفرح ومثالية زائدة، وبعدها يأتي الجانب المظلم وهو الطلاق، وهنا مربط الفرس!
إن كثرة الحديث عن الطلاق وترويج له بين المشاهير يؤثر سلبا على عقليات المتابعين والمتابعات، فيصح الأمر مستساغا، ليبدو للناس كأنه لعبة واستسهال لحياة الأبناء، ومع التكرار ومرور الوقت (تعودنا عليه) يتقبل المجتمع كثرته وانتشاره. وما نشاهده من كثرة الحالات المجتمعية المشابهة هي بسبب تأثير العقل الباطن جيلا بعد جيل حيث تصبح مسائل الطلاق مشهدا مكررا. وأرجو ألا نصل إلى مرحلة نردد فيها: (عادي ما فيها شيء كل الناس يطلقون!!). والأسوأ إذا كل من الزوجين يستسهل الأمر ظنا أن المسالة هي راحتي (أنا فقط) كأنهما منفصلان عن الواقع والمجتمع.
بينما ديننا العظيم يطلق على الزواج (ميثاقا غليظا). والعقل يقول لنا إن التوازن بين الإيجابيات والسلبيات هو القرار الأصوب لأن المعادلة العقلية المنطقية عناصرها ليس فقط الزوج والزوجة، بل هناك مكونات أخرى مثل: الأبناء، الروابط الأسرية بين العوائل، الأموال والممتلكات، الصداقات، الآثار المستقبلية وما يترتب عن الطلاق، كل هذه عوامل مؤثرة في معادلة الزواج، وهذه هي النظرة العقلية المحضة.
وأما من جانب العاطفة، ففي الأثر أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يريد أن يطلق زوجته لأنه لا يحبها!، فقال له: «أو كل البيوت بنيت على الحب؟ فأين المروءة والذمة؟». وواقعيا لا عاطفيا، فإن الحب الذي يأتي مع العِشرة أقوى وأدوم من حب النظرة الأولى!
وأما من الناحية الحكمة، فالأسرة هي المكون الأول للمجتمع، واستقرارها يؤدي إلى مجتمع مستقر ومتماسك اجتماعيا، بحيث تكون معدلات الزواج مرتفعة جدا رقميا وفعليا عن معدلات الطلاق.
ولعل الشباب حين يقدم على الزواج يتذكر أنه ليس ارتباطا فقط بين شخصين، بل هناك مؤثرات أخرى كالروابط الأسرية مع امتزاج من العادات والتقاليد والاجتماعات، وذلك موجود في كل مجتمع ولكن بصور وأساليب مختلفة.
وجوهر الزواج هو التضحية من الطرفين معنويا وحسيا، وهو أمر لا بد منه شئنا ذلك أم أبينا من أجل أن تسير المركب! فحتى بيت النبوة قد سألوه -عليه الصلاة والسلام- زيادة النفقة (تحسين مستوى المعيشة). ولكن بعد أن جاء صوت الإيمان والعقل اخترن -رضوان الله عليهن أجمعين- التضحية من أجل جوائز أكبر وأسمى. منها أن يبقين أمهات المؤمنين في الدنيا أبدا -وهذه منقبة عظيمة-، ثم يكنّ زوجاته في الآخرة وتلك أجمل وأكمل. وهنا يكمن السر في توازن التضحية بين العقل والعاطفة.
إلى زمن قريب كنا نرى للزواج هيبة وشأنا، وبعد هوليود والمشاهير أصبح الزواج لا عقل له!
abdullaghannam@