رغم ميلها المعاصر للفيديو آرت فإنها لم تتأثر بشكل مباشر بأي تجربة مماثلة، لأن ما أثر بها كان المحيط والوقائع الحقيقية التي تميز بيئتها.
وما يميز أعمال نوف الرفاعي هو البساطة الجادة، والتصورات المقتصرة على بعد الصورة، واشتغالها في المساحة على المفهوم، لذلك فهي تعتمد على التقنية مع بعض البرامج الرقمية والمؤثرات؛ لأنها ترى أن الفكرة الفنية أهم من التقنية نفسها، فالتقنية وسيلة الفكرة للحضور المتغير في التعبير وليست العمل نفسه.
إن ميزة الرفاعي هي الطموح العميق في التجريب الفكري والمفهومي، فقد شاركت بعمل بعنوان «سُلطة» في معرض ملتقى الفيديو آرت الدولي الثاني بالمملكة، وشكلت المشاركة لها أفقا جديدا للاستمرار التجريبي، والعمل جاء في دقيقة وأربع ثوان، في البدء كان «الأمان» و«العدل» و«الإنصاف» وهي المصطلحات التي تشير إليها نوف الرفاعي وهي تتنقل بين الحركة والأداء لتثبيت معانيها الموظفة للتعبير عن الذات والإنسان، وعن الواقع والبحث الدائم عن حالات الاستقرار الوجودية والاجتماعية، قبل أن تحدث المواجهة التي قلبت موازين التعبير وصعدت منحى الحركة في صراعات بصرية كثيفة في توتراتها الباحثة عن «الكرامة» و«الإنسان»، فهي تستجمع في عملها القوة والسلطة وسلطة القوة، وما تحمله موازينها من التناقض والشعور والتفكير لتفعل انتماءها بالحديث عن الواقعي الذي تعبر عنه من خلال حركة الأداء في الفيديو، مع توافق الصورة والكلمة ورمزية التوظيف، فهي تعتمد في علاماتها على رموزها الحركية مع إعطاء أهمية للأداء بضرورة توظيف العناصر كاملة؛ للتعبير عن المطالب الحقيقية للإنسان من حيث المفهوم، وهو ما يفتح المنافذ على بعضها البعض من خلال الأبعاد التي توظفها تقنيا، فرغم أنها تقدمها بشكل مباشر فإنها تتفنن في مفاهيمها الحركية لتقدم كل معنى بحركة ترميزية وعلامة تستحيل الحركة إلى فعل.
فمن حيث الدلالة الزمنية، تختصر الرفاعي الفكرة كأقصى ما يكون، لتبرقها كذبذبات مؤثرة على الذهن، تتعمد أن تحملها اليد اليسرى كدلالة على حالة اللاثبات فيها وفي عمق توظيفها الواقعي. كما تتعمد تقنيا أن تلغي الألوان والمؤثرات الصوتية، مع بعض الضبابية المتعمدة في مدى وضوح الصورة التي ترتكز عليها كدلالات بصرية تحاول من خلالها أن تستدرجها لتستنطق حضورها في الثانية 0:44 من الفيديو، وكأنها تستخلص البعد الآخر للتشويش المعلن، والفوضى النمطية المقلوبة على موازين الفكرة التي تعني السلطة السلبية التي تختصر كل تلك المصطلحات المتناقضة فيما بينها.
كاتب في الفنون البصرية