كلما اقترب موعد بداية العام الدراسي كانت الأسئلة، التي يطرحها الآباء والأمهات والطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات، حول الشكل الذي ستكون عليه عملية التعليم أكثر إلحاحا، وأول هذه الأسئلة وهو السؤال الأكبر، الذي ستحدد الإجابة عن الإجابات على باقي الأسئلة، هو أيهما يجب أن يعطى الأولوية، سلامة الطلبة والمعلمين أم الأعباء، التي قد تترتب على عدم انتظامهم في التعليم بالطرق المعتادة؟، وهذا السؤال تتولد منه أسئلة أخرى؛ هل بالإمكان استئناف العام الدراسي بالطريقة التقليدية، التي هي الخيار الأفضل مع الاحترازات الصحية، التي تكفل المحافظة على سلامة سائر أطراف العملية التعليمية؟، وهل البيئة المدرسية قادرة على تحقيق الاشتراطات، التي تكفل سلامتها؟، أما الخيار الثاني فإنه يتطلب سؤالًا آخر هو: هل تستطيع مؤسسات التعليم العام والجامعي أن تؤدي واجباتها من خلال التعليم عن بعد؟، وهل تتوافر لديها الوسائط الإلكترونية والخبرات الضرورية لقيام هذا التعليم، وتمكينها من تحقيق المخرجات المستهدفة؟، وهل تتوافر البنية التحتية في المدارس والمنازل؟، وهل بإمكان الطلاب والطالبات وأسرهم القيام بدور كل منهم؟، وهل جميع المعلمين والمعلمات لديهم المهارات، التي تمكنهم من أداء دورهم المحوري في التعليم عن بعد، لا سيما أننا اضطررنا إلى هذا النوع من التعليم في الوقت، الذي كنا نعمل فيه على الوصول بالمدرسة لما يسهّل هذا النوع من التعليم، كما أن ذلك لو توافر فإنه يحتاج إلى حوسبة المقررات الدراسية، بحيث تكون صالحةً لهذا الأسلوب في التعلم الإلكتروني بما في ذلك عمليات التقويم والتفاعلية، وتمكين المتعلمين من المهارات المستهدفة، وهذا أيضًا عمل يحتاج بلوغه إلى الوقت والخبرات، وهو من ضرورات تحقيق الأهداف، التي تسعى إليها المؤسسة التعليمية، أما السؤال المهم جدًا فهو عن تقويم تجربتنا خلال الفصل الدراسي الماضي ونتائجها.. ربما تكون هذه الأسئلة هي الأسئلة الرئيسة في الموضوع إذا أردنا أن نصل إلى إجماع أو على الأقل شبه إجماع لدى أطراف العملية التربوية، خاصة الآباء والأمهات، الذين من حقهم أن يختاروا النوع من التعليم، الذي يرونه يحفظ سلامة أبنائهم، ويقيهم شر هذه الجائحة، ويوفر لهم أعلى مستوى من الجودة في آن واحد.. الإجابة عن هذه الأسئلة هي مهمة مركز القرار، الذي لا نشك في حرصه على سلامة الجميع، وعلى أن يتحقق ما نرجوه من تعليم في أعلى مستوى ممكن من الجودة، وألا يحرم أبناؤنا فرصة التعليم الجيد، الذي تسخر له الدولة الموارد الكبيرة، وتحرص دائمًا على إعطائه الأولوية، ويتجلى ذلك في الأرقام، التي تتضمنها ميزانية الدولة السنوية لهذا الغرض.
هذه المسؤولية هي الشغل الشاغل لمركز القرار هذه الأيام، وهو بالتأكيد في غاية الحرص على الاستفادة من آراء وأفكار الخبراء والأكاديميين والقادة التربويين، وقد ظهر ذلك واضحًا في قرار معالي وزير التعليم بتشكيل اللجنة الوزارية المكلفة بهذه المهمة، ولا شك أن اللجنة سوف تضع في اعتبارها تجارب أمم كثيرة واجهت نفس الأسئلة، ووضعت لها الإجابات المناسبة، خاصة دول أوروبا التي بدأ فيها العام الدراسي قبل موعده في بلادنا، ومَنْ يتابع هذا الموضوع يجد أن هناك أنواعًا وأنماطًا من التعليم تم توظيفها في مواجهة المشكلة في هذه الدول يمكننا دراستها والاستفادة منها مع أن أكثرها استخدامًا هو نظام هجين يجمع بين التعليم التقليدي والتعليم عن بعد وفق اشتراطات محددة تزيد من إيجابيات كل نظام منهما.
على أية حال لا نريد استباق الأحداث، لاسيما أن هناك رجالاً مخلصين يبحثون ليل نهار عن الحلول الناجعة، التي تكفل استمرار العملية التعليمية بالشكل الذي يضمن سلامة المتعلمين ويحقق أفضل المخرجات، ويزيدنا اطمئنانًا حرص ولاة الأمر على توفير كل الإمكانات المادية والبشرية، التي تتيح لمؤسسات التعليم العام والتعليم العالي أداء رسالتها، التي حددتها سياسة التعليم في المملكة، ونجحت من خلالها في تحقيق التحولات الكبرى، التي شهدها التعليم بحيث استطاعت بلادنا مواكبة ما وصلت دول متقدمة سبقتنا إلى التعليم النظامي بعشرات السنين.. الإجابات المنتظرة عن هذه الأسئلة هي القرار بشأن الشكل، الذي سيكون عليه العام الدراسي، وهي إجابات ستكون -إن شاء الله- مرضية لنا جميعًا بكل تأكيد.
@Fahad_otaish