انتشر مقطع لأحد مشاهير التواصل الاجتماعي وهو يتحدث عن المعلمين بأسلوب لا يليق متندرا من طول أيام إجازة المعلمين، ومما قاله أيضا -ما معناه- أنهم لم يفلحوا في تأليف أو تغيير نهجهم القديم والعقيم إلخ... وفي أقل من أربع وعشرين ساعة وجدنا تغريدة النائب العام يوجه بالقبض على أشخاص أساؤوا للتعليم كما ذكرت صحيفة (سبق)، وسرعان ما انتشر هذا الخبر بنفس سرعة انتشار المقطع، فكان بردا وسلاما على قلوب المعلمين والمعلمات، فتحية للنيابة العامة ونائبها معالي الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، فما أجمل تغريدات النيابة العامة الصارمة بعد كل لقطة أو مقطع مسيء، وبنفس الوقت ترسل الطمأنينة لأفراد المجتمع وردع المتجاوزين من المتحرشين ومثيري النعرات المذهبية والقبلية والمناطقية وغيرها بالأمر بالقبض عليهم.
نعود لصلب الموضوع، من منا لم يمر بحياته بمعلم أو أكثر ولا تربطه بهم العديد من المواقف الإنسانية، المحفزة، الملهمة التي لا تنسى؟ أشارككم بموقف من بطولة إمام مسجد العبادل ببني كبير الشيخ علي الغامدي عندما لمح من فوق المنبر معلمه الذي درسه في الصفوف الأولى في المرحلة الابتدائية يجلس على كرسي متحرك في الصف الثاني، وفي هذا المشهد حيث تبدلت الأدوار تذكرت مقولة الأديب الإنجليزي وليام شكسبير «الحياة عبارة عن مسرح كبير وكل الرجال والنساء ممثلون على هذا المسرح» فالطالب قبل أكثر من أربعين سنة كان من المتفرجين في مسرح الحياة بينما كان معلمه الأستاذ عبدالله بن زويد من يلعب الدور على مسرح الأحداث في ذلك الزمن يؤدي دوره كمعلم ومرب. ومع مرور الأيام تبدلت الأدوار فأصبح معلم الأمس على مدرج مسرح الحياة كمتفرج بعد أن أدى دوره بإتقان، وطالب الأمس أصبح هو من يلعب الدور على مسرح الحياة من خلال منبر الجمعة!! وقس على ذلك دور الآباء مع الأبناء كيف تتبدل الأدوار بينهم فيصبح الأب متفرجا بعد أن أدى دوره والابن من يلعب الدور!!
المهم، بعد الانتهاء من الصلاة قام الإمام مخاطبا جميع من في المسجد قائلا "في المسجد شخصية كان لها فضل بعد الله في تعليمي ولن أنسى فضله ما حييت"، ثم ذكره بالاسم واتجه إليه بعد أن لبس الكمام وقبل رأسه مما كان له الأثر الكبير على المصلين وعلى المعلم والإمام.
ما أجمل الوفاء وخاصة عندما يكون للمعلمين الذين أفنوا أعمارهم في تعليم الأجيال، فما نشاهد من نهضة في بلدنا على جميع الأصعدة أبطالها معلمون ومعلمات، ولن ينقص من قيمتهم من يسخر أو يتندر ممن علمونا من مشاهير (الفلس) ورحم الله شوقي عندما قال قصيدته المشهورة (قف للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا).
أعتذر لكل معلم ومعلمة لأنني لا ولن أستطيع أن أوفيهم حقهم بمقال يتيم، فالمعلم والمعلمة أشخاص ملهمون للعقول والقلوب للطلابهم وطالباتهم.
إذا كان هناك نكبة في مسيرة التعليم على مستوى العالم العربي، فإنها مدرسة المشاغبين التي أضحكتنا كثيرا لكنها رسخت في عقول الكثير من الطلاب أن التندر من المعلم والضحك عليه بطولة كما حدث مع نجوم المسرحية، فهل نتوقع ممن ما زال حيا من نجوم مسرحية مدرسة المشاغبين عمل مسرحية يعاد من خلالها هيبة المعلم على مسرح الحياة بعد ضياعها مع مسرحية مدرسة المشاغبين؟!!
Saleh_hunaitem@