مع أن لجوء الكثير من الدول إلى التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا، حيث كان الوسيلة الوحيدة لمتابعة الطلاب دراستهم في الفصل الدراسي الثاني من العام الماضي، إلا أن التعليم الإلكتروني الذي يقوم عليه أسلوب التعليم عن بعد قد بدأ قبل ذلك بكثير في أكثر بلدان العالم تقدما، كما أن خطوات ملموسة في مجال التعليم الإلكتروني قد اتخذت في بلادنا ساعدت في نجاحها المهارات الإلكترونية التي اكتسبها أبناؤنا من خلال إقبالهم على استخدام الأجهزة الذكية، والجهود الذاتية من بعض المعلمين لتوظيف التقنية في التعليم، وتشجيع الدولة وعنايتها بهذا التوجه، وكذلك تزويد المدارس بشبكة الإنترنت وبالسبورات الذكية وغيرها، وتوافر الوسائط الضرورية مثل أجهزة التلفزيون الذكية والأجهزة الذكية (التابلوت والهاتف الجوال) لدى أكثرية الطلاب ساعد على ذلك أيضا. ومع أن الدور الأساسي في عملية التعليم عن بعد يقع على المدرسة أولا إلا أن دور الأسرة كان وسيظل مهما في عملية التربية والتعليم أيا كان النمط المتبع فيها، وهو دور في زمن التعليم عن بعد لا يقل أهمية عنه في عهد التعليم التقليدي إن لم يكن أكثر باعتبار الأسرة سوف تباشر هذا النوع من التعليم مع أبنائها عن قرب فيما يغدو دور المدرسة والمعلم (عن بعد)، وأيا كان النمط الذي سيكون عليه التعليم في العام الدراسي الجديد حسب الظروف الوبائية ومستجداتها وضروراتها فإننا ينبغي أن نكون جاهزين سواء كمربين ومعلمين أو آباء وأمهات للتعامل مع جميع الأحوال والظروف، وخاصة توفير متطلبات التعليم عن بعد المادية والفنية وأولها استمرار كل من البيت والمدرسة بالقيام بدوره في إنجاح العملية التعليمية بأسرها. وإذا كان دور المدرسة أكثر وضوحا في جميع الأحوال فإن دور الأسرة يظل في حاجة أن نلقي عليه الضوء بالشكل الذي يجعله واضحا أمامها ويضعها أمام مسؤولياتها، وهذا الدور تترتب بموجبه على الأسر مهام وواجبات أولها توفير الظروف النفسية المشجعة للطالب للانصراف للدراسة بعيدا عن الخلافات الأسرية والمشاكل والمشتتات التي قد تكون حائلا دون تفرغه للدراسة، بحيث لا يكون هناك ما يشغل الطالب عن دراسته والتفرغ لها، إضافة إلى توفير متطلبات هذا النوع من التعليم المادية والفنية وأولها وجود شبكة إنترنت قوية ومستمرة في جميع الأوقات، وكذلك أجهزة الآيباد والهاتف الجوال أو التلفزيون الذكي، كما أن على الأسرة مساعدة الطالب على تحديد أوقات الدراسة التي تناسبه أو الالتزام بالوقت الذي يتم تحديده من قبل المنصة الرسمية للتعلم لكل مرحلة من مراحل التعليم، وقبل ذلك ينبغي أن تقوم الأسرة بتثقيف الأبناء وتوعيتهم بأهمية هذا النظام الذي يناسب طبيعة العصر، وإفهامهم أن التوجه إليه هو التوجه السائد، خاصة في مراحل التعليم العالي في بلاد العالم جميعها، لا سيما البلدان المتقدمة. وفيما يتعلق بمتابعة الطالب في الدراسة فبالإضافة إلى الالتزام بمتابعة الدروس مع الطالب على المنصة، وتنمية مهارات التعلم الذاتي لديه، فلا بد من التأكد من فهم الطالب للمحتوى المعرفي لكل وحدة من الوحدات الدراسية باستخدام وتوظيف عمليات التقييم في نهاية كل مرحلة، وحل التدريبات، والتأكد من إتقان المهارات، وذلك يقتضي مساعدة الطالب على الالتزام بالبرنامج الزمني الذي تعلن عنه الوزارة من خلال منصات التعلم الرسمية ومتابعة التزامه به ومواظبته عليه، ويقتضي ذلك من الأسرة أيضا متابعة كل جديد تعلن عنه وزارة التعليم أو يتم تعميمه ونشره في وسائط الإعلام الرسمية، وخاصة التعليمات ذات الصلة بعمليات التقويم وحوسبة المقررات وإستراتيجيات التعليم الملائمة.. وكما قلنا دائما يوجد بين المعلمين والمعلمات وبين الآباء والأمهات بل وبين الطلاب أيضا، خاصة في المراحل العليا من التعليم العام وفي التعليم العالي من تتوافر لديهم من المهارات ما يستحق أن نهتم به ونستفيد منه في تطوير هذا النوع من التعليم وتجويد مخرجاته وصولا إلى المستوى الذي نتطلع إليه جميعا لأبنائنا وإعدادهم ليكونوا بناة لوطنهم في المستقبل -بإذن الله-.
@Fahad_otaish