مع أن معايير التركيز والتحفيز لا تتحقق إلا بالتعليم الحضوري عن طريق التواصل المباشر بين المعلم والطالب في البيئة المدرسية، ولكن الظروف الاستثنائية لجائحة كورونا حالت دون تحقق ذلك، بعد دراسة وزارة التعليم للأوضاع فقد حسمت بأن تكون بداية العام الدراسي عن بعد لجميع المراحل التعليمية، لمدة 7 أسابيع ثم إعادة تقييم الأوضاع بشكل كامل لتحديد الدراسة بحسب ما يستجد، إذ لا أحد يستطيع الآن التنبؤ بما ستكون عليه الأمور فربما يتم التمديد أو يتغير الواقع تدريجيا، فالإجابة عن التساؤلات المستقبلية لأفراد المجتمع فيما يتعلق بتعليم أبنائهم سواء خطط العودة للمدارس وإجراءاتها الوقائية وضمانات التزام الطلاب بتحقيقها أو استكمال التعليم عن بعد لا تملك وزارة التعليم وحدها الإجابة عنها بل تملكها عدة جهات حكومية تنضوي تحت مظلة إدارة أزمة جائحة كورونا.
ولنتأمل حجم الجهود المبذولة سواء من وزارة التعليم أو من الأسرة أو من الجهات التي لها صلة بمنظومة التعليم عن بعد، لتسد الفراغ الذي فرضته أزمة كورونا لتوصيل دور المعلم من المدرسة إلى المنزل، هل المجتمع يعي الدور الكبير الذي يفعله المعلمون والمعلمات في المدارس؟ بدلا من محاربتهم كل عام في إجازاتهم أو رواتبهم، وصلنا إلى مرحلة تهكم فيها التافهون والمغردون ومشاهير السناب أمام الملايين من مشاهديهم وأمام النشء، فدور المعلم لا يعوض ولا ينكر جهوده إلا جاحد. ومن ضمن قرار الوزارة في التعليم عن بعد حضور المعلمين يوما واحدا في الأسبوع للمدرسة بهدف متابعة تقارير الأداء والتواصل مع الطلاب الذين قد يواجهون صعوبات في المتابعة والتقييمات أو الذين يواجهون مشكلة في استخدام «منصة مدرستي». إن دور المعلم محوري في كل جوانب العملية التعليمية، فبدون المعلم لا يوجد مدرسة ولا منهج يدرس، ولا تنتظم الحياة ولا المجتمع وحتى الأسرة، إلا بانتظام الدراسة، ونجاح أي أمة مقرون بكفاءة وقوة نظامها التعليمي وقوة النظام مرهونة بوجود المعلم، ونجاحه متوقف على دعم وزارته بجانبه، واحترامه، وعلو مهنته، وتقدير المجتمع له ولجهده، وحصانته من المسيئين لمهنته، وفرصة في هذه الأيام التضامن وإبراز الدور الكبير للمعلمين قبل وأثناء الجائحة من مؤسسات المجتمع ووسائل الإعلام الرسمية والمساجد التي لها دور كبير في تشكيل الرأي العام لدعم احترام المعلم.
باختصار.... التعليم عن بعد تجربة جديدة، ومعقدة التفاصيل، وجدت وزارة التعليم نفسها مضطرة لخوضها، وقد أثبتت بعد بدء الجائحة قدرتها على مواكبة التحديات والمصاعب التي واجهتها ومع كل هذا أكملت العام الدراسي، ومع الجامعات والتعليم العام والأهلي سيكونون أكثر خبرة نظير التجربة الماضية، ومن المهم تقدير الجهود التي ستبذلها الكوادر التعليمية والإدارية، لتجاوز هذه المرحلة الاستثنائية، وتفعيل الشراكة الاجتماعية لضمان الخدمة الجيدة للاتصالات وشبكة الإنترنت وبتكاليف مخفضة، وتوفير أجهزة لابتوب بأسعار مدعومة كما هي بعض الدول.
alzebdah1@