لها شرايين إما اقتصادية أو بحرية أو ترفيهية أو رياضية، ويبدأ النزف إذا تناقصت أهميتها.
والشوارع التجارية تموت بأسباب منها القرارات البلدية أو التغير الديموغرافي للحي أو ظهور شوارع أخرى جديدة ومطورة أكثر استفادة للزائر أو للساكن بحسب اختصاصه.
إذا رأيت شارعا بدأت تمتلئ دكاكينه بالحركة والاقتصاد، فاعلم أنه يحيا وينبض، وإذا لاحظت الخطى بدأت تتراجع إليه ودكاكينه تغلق شيئا فشيئا فإنه في (سكرات) الموت، وأن الحي أو المدينة التي هو فيها بدأ يتحول سكانها من قوة شرائية إلى ضعف تجاري بحت، كما حدث في حي الخبر الجنوبية (الصبيخة).
وهنا في المنطقة الشرقية أمثلة أخرى على ذلك.
والشارع يبدأ أحيانا بدكان صغير كشارع الأمير بندر في الخبر (السويكت) الذي انطلق بدكان عيدان الدوسري ثم بدأ ينمو إلى أن أصبح شارعا تعج به الحياة، وفجأة بدأ الألم والتراجع تجاريا وهو ما يحدث في الشارع الآن.
ثمة حي كامل اختفى، ولا يمكن له أن يعود بنفس خصائصه وميزاته وهو حي «سعودي كامب» في الظهران. هذا الحي الذي عشت به صغيرا حتى الثالث متوسط، وكانت الأبواب والقلوب مفتوحة وتبادل الخيرات بين الجيران موجودة، ثم أبعدونا عنه من أجل التثمين لصالح جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فهدموه وهدموا ذكرياتنا معه ولم نعد إليه إلا لمشاهدة بقايا الذكريات حيث أصبحنا الآن نلوح له من بعيد ونودعه بدموعنا.
شارع الملك خالد في الخبر نشأ في الخمسينيات والستينيات والثمانينيات إلى أن بدأ في التراجع تجاريا عند دخول التسعينيات بشكل يدعو للحزن والأسف.
شارع المتنبي في الرياض كان متألقا وتجاريا حتى حولته الأمانة إلى شارع للمشاة... فمات!!
حياة الشوارع وموتها مسؤوليات الأمانات وأصحاب العقارات التي تهمل صيانتها وتطويرها، ولو قامت بذلك لظل الشارع وظلت دكاكينهم قائمة ومؤجرة أما إهمال البنايات فسيؤدي إلى رحيل المستأجرين.
وأرى ضرورة تدخل الأمانات وبعض الوزارات الأخرى لتخفيف الضغط على الملاك وبالتالي على المستأجرين أيضا لكي تظل شوارعنا وأحياؤنا ومدننا حية نضرة وفتية.