LamaAlghalayini@
الكائنات العاقلة تبحث دوما عن طرق تتجنب بها الألم لتعيش حياة هنيئة، ولكننا نادرا ما نكون عقلانيين عندما يتعلق الأمر بالعلاقات، فلماذا يقع البعض في حب أشخاص ترفضهم وتعاملهم بقسوة؟، ولماذا يعمل آخرون لصالح أناس يحتقرونهم ولا يقدرون جهودهم؟، وكيف نفسر أن الكثير من الأذكياء والموهوبين في العالم تكون حياتهم الخاصة هي الأسود؟، ربما تكمن الإجابة في كلمات مثل الاعتياد والخوف، والجبن، فهذه هي أقوى العواطف التي تجعلنا مقيدين في أنماط الحياة التي لا نريد أن نعيشها، فالرجل الذي يقع في حب امرأة ترفضه غالبا ما عايش تجربة رفض في طفولته، لذلك فهو معتاد على الرفض، وبالرغم من انزعاجه من رفض المرأة له، إلا أنه اعتاد تلك الخبرة من قبل، ويشبه ما عاشه مسبقا، والمرأة التي تتعلق برجل يهينها، قد تكون خائفة من مغادرة المألوف، فالخوف هو أكثر العواطف التي تسبب للإنسان العمى الشعوري، مما يجعلها لا تبصر حقوقها في أن تعيش كريمة، ولا تفكر في إمكانية التحرر من العنف، وربما تبرر للجاني، وقد يبدو لها القهر مألوفا بسبب ماضيها المشابه، والرهبة من كسر نموذجها القديم الذي كونته عن العالم.
فما الدافع وراء مآسي تلك الحالات، وكيف يمكن أن يتجاوزوا تحدياتهم للعبور نحو الجانب الآخر، ورغم أن الكثير من الكتب تقدم عشرات النظريات والاقتراحات، لكن ديناميكية الحل تأتي دوما من كلمة واحدة، التجدد، فإما نتقدم للأمام وننمو، وإما البقاء ثم المزيد من التراجع ثم الموت، ولا يوجد خيار ثالث، ولهذا فإن إدارة علاقاتنا هي أكبر أدوات النضج الروحي؛ لأنها التحدي الأكبر في إضاءة أعماقنا، ولا تنكشف مخاوفنا المدفونة إلا في العلاقات، التي تبرز حجم شكوكنا في أننا لسنا على القدر الكافي، وهنا يبرز الاختيار، فإما الاستسلام، والبقاء في قيود الخوف ودور الضحية، والبحث عن شماعة للشكوى واللوم، أو التوسع لتنمية إمكانيات جديدة تجعلك تعيش حياة أغنى بالفرص، التي لم تكن لتصل إليها لولا ظهور تلك التحديات. ولهذا فإن نوعية حياتك يمكن تلخيصها بسؤال نفسك، «لأي مدى مستعد أن تذهب؟»، وتبدأ الخطوة الأولى بإعادة النظر داخل نموذجك الداخلي الذي كونته عن العالم، قناعاتك، مقاييسك، تصوراتك، ومدى إيمانك بفرص التوسع التي ستكسر الرهبة، وتدفعك للتوغل بحكمة داخل أعماق الطرف الآخر، وتفهم نموذجه للعالم، وقواعده في العلاقة، ففي كل مرة يتقابل فيها اثنان يتكون عالم ثالث، وبنوايانا وشغفنا نرسم ملامحه ونختار ألوانه.
LamaAlghalayini@
LamaAlghalayini@