إنه مع استمرار نزول الأمطار، بمعدلاتها الطبيعية، على مساحات منبع النهر، ستمتلئ بحيرة سد النهضة، ومن ثم كنتيجة ستفيض بالماء ليواصل تدفقه في فلج نهر النيل عبر مساره التاريخي، هذا في ظل الهدف الوحيد، المعلن لبناء السد وهو توليد الكهرباء، وهل ثمة أهداف توسعات زراعية أفقية غير معلنة؟ ماذا يعني هذا؟ هذا يعني الكثير، ويثير العديد من التساؤلات، بقراءات متعددة الاتجاهات، والغايات، والتوقعات.
هل تتكئ مصر على حسن نية إثيوبيا؟ هل لدى إثيوبيا، حسن نية وخاتمة؟ لماذا لم تطلب من مصر إمدادها بالكهرباء، من السد العالي قبل بناء سدها المشؤوم بيئيا؟ كان هذا من حقها، كان يمكن أن يكون لها نصيب في هذه الكهرباء، على الأقل بقدر نسبة نصيب مصر من نهر النيل.
إثيوبيا تؤكد، أن السد لن يؤثر في إمدادات نهر النيل لمصر، لكنها تجاهلت أن أساس فكرته حجز المياه. إن سد النهضة، بناء ضد البيئة وضد استمرار نموها الطبيعي وسلامتها على المدى الطويل، كما أنه ضد التجمعات السكانية، حتى في موقع السد وبحيرته.
إثيوبيا لن تتوقف عند توليد الكهرباء، من يصدق الادعاء الإثيوبي، في ظل جفاف، يضرب بعض مناطقها الإستراتيجية، بتأثيرات لم تشهدها عبر تاريخها؟ هل جاء الوقت، لوقف هذا الجفاف في إثيوبيا؟ السد يحمل الإجابة، ويحمل القرار، ويحمل مؤشرات المستقبل، بخيرها وشرها.
إثيوبيا تنظر إلى المستقبل، أكثر من الحاضر، ترى في الماء إنقاذا لمناطقها البعيدة من القحط، والجفاف، وشح المياه. كيف سيتم إنقاذ تلك المناطق الإثيوبية؟ هذا السؤال الطامة، يجعلني استنتج ملامح لمستقبل أراه أكثر وأعظم تأثيرا وفاجعة، من بناء السد نفسه، وذلك في ظل وعي، وقراءة صائبة، وإيمان بأهمية الماء كضرورة بقاء.
بمجرد أن يحجز جدار السد الماء في بحيرته، فهذا يعني انتقال ملكية الماء للأرض التي تحمله، هذا يعني أن إثيوبيا ستتحكم في المياه، وستمتلك لوحدها مياه الأمطار، وتستأثر بها لنفسها. إثيوبيا ستتجاهل حق الآخرين، في مياه هذه الأمطار، ذلك الحق يؤكده التاريخ والبيئة والحضارات السابقة. هل ستتبنى بفعلها المثل العربي الذي يقول: جحا أولى بلحم ثوره؟ فاتها أن الثور هنا مسروق!!
هل المياه، خارج السيطرة الإثيوبية وإرادتها؟ إذا كان كذلك، فكيف الوضع برمته مستقبلا؟ لقد بدأ التحكم عنوة، فقد تم رسم الأهداف غير المعلنة، وقد تم الانتهاء من رسم الآمال العريضة، عنوة، وتم تحريك الأماني، والطموحات في المياه.
وصل الأمر، حد اعتبار سد النهضة، المنقذ الوحيد أمام إثيوبيا، كمخرج وحيد، يجسد حلا إستراتيجيا، لجميع مشاكلها، وتحدياتها في التنمية المستدامة. هكذا تقول قراءة المؤشرات، بكل أنواعها. فكيف لمصر، إقناع إثيوبيا بعكس هذا؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.
@DrAlghamdiMH