فأصبح الظهور الإعلامي لكثير من الجهات يرتبط بمنصات إعلامية هامة ومنها المتحدث الرسمي والذي ظهر مع تطور الإعلام وتقدمه بهدف نقل الأخبار والتواصل مع الجهات الإعلامية والرد على استفساراتها بشكل مباشر، ومعالجة الأزمات الإعلامية أيضا عبر الظهور في الوقت المناسب للحد من الشائعات وتبديدها.
والظهور والتواجد في منصات الإعلام المختلفة جذب الكثيرين ومنهم كثير من الشخصيات القيادية التي أنشأت لنفسها حسابات خاصة يتابعون من خلالها الأخبار والأحداث ويتواصلون مع متابعيهم.
وبدأنا نلاحظ أن كثيرا من هذه الحسابات لا ترد على متابعيها بل وحتى لا توجههم إلى الحساب الرسمي لجهاتهم لأخذ المعلومة أو حتى الإجابة عن استفساراتهم فجعلوا حساباتهم تتفاعل باتجاه واحد فقط. وهو أمر لا نلومهم عليه وغير مستغرب نظرا لطبيعة أعمالهم وكثرة أشغالهم، وهو أمر متوقع ألا يردوا على أسئلة المتابعين وألا يتفاعلوا مع تعليقاتهم.
وقد لاحظنا أن حسابات كثير من القيادات أصبحت منصات إعلامية متحركة لجهاتهم وهو برأيي الشخصي يضعف من مهام المنصات الرسمية المعتادة مثل الحساب الرسمي والمتحدث الإعلامي لهذه الجهات.
فوجود حسابات ومتحدثين وإدارات تواصل رسمية تضم مؤهلين يستطيعون التواصل المباشر مع المتابعين والتفاعل مع ملاحظاتهم وفق منهجية واضحة ومحددة هو برأيي الأنسب والأصح.
وتبقى حسابات القيادات منصات لهم تعكس أخبارهم أو رسائلهم الخاصة أو حتى منبرا إعلاميا لهم للتحدث عن أمورهم الإستراتيجية.
ورغم أن الإعلام ذو طبيعة جذابة يحبها كثير من الأشخاص إلا أنه قد يكون له برأيي تأثير سلبي على هذه الشخصيات إذا أكثرت من مشاركاتها وتعددت مواضيعها، خاصة أن بعض هذه الشخصيات أصبحت وكأنها تنافس المتحدث الإعلامي الخاص بجهتها عبر الظهور بالأخبار والأحداث والتي كان ممكن أن يكفيهم المتحدث الإعلامي هذا الظهور. وهو الشخص المدرب على مهارات التواصل الفعال والتعامل مع وسائل الإعلام المختلفة.
ويشكل الظهور الإعلامي تحديا للمتحدث الرسمي في إيصال الرسالة الإعلامية الصحيحة عن جهته والتي تتطلب منه حضورا إعلاميا داخل منظمته بمد جسور التعاون مع قطاعات جهته للحصول على المعلومات الصحيحة بأسرع وقت ممكن وبشكل كامل ليكون جاهزا لجميع الاحتمالات التي يمكن أن تقابله في ظهوره الإعلامي، وكذلك بناء علاقات إيجابية مع الجهات الإعلامية خارج جهته.
والحمد لله أن كثيرا من جهاتنا الحكومية اليوم لديها متحدثون إعلاميون محترفون، برزوا في الظهور الإعلامي بكل احترافية، بل إن بعضهم أشغل وسائل التواصل الاجتماعي في ظهوره الأول مثنين عليه بشكل كبير.
وبقي أن نقول إن التدريب المستمر والتعرض لمواقف إعلامية حقيقية بشكل مستمر يسهم في صناعة متحدث إعلامي جيد يستطيع أن يشارك في ثقة وبلا تردد.
وهذا يتطلب من الجهات الحكومية التركيز على اختيار كفاءات إعلامية من منسوبيها لهذه الوظيفة والاستثمار في تدريبها.
dhfeeri@