ولد محمد حمزة المدني في المدينة المنورة، حي الزقاق، ودرس الابتدائية ثم المتوسطة، أما الثانوية فدرسها في مدرسة الشاطئ الثانوية، وعمل سكرتيرًا بنفس المدرسة، وأحب كرة القدم، وانتسب لنادي الوحدة في مركز الهجوم لعدة سنوات.. وأيضًا للأهلي.. وترك الكرة قبل أن ينتقل لمدينة جدة.
تزوّج محمد حمزة وأنجب خمسة أبناء، بينهم وائل ولؤي اللذان شاركا والدهما التمثيل في الصغر.
وشق الفنان محمد حمزة طريقه إلى بلوغ أهدافه بعصامية ودأب واجتهاد فريد، دون أن تهبط عزائمه صعوبات ومعوقات الحقبة الزمنية التي عاشوا فيها، فقد بدأت حياته العملية كموظف في الطيران المدني السعودي، وفي منتصف الستينيات من القرن الماضي، انتقل للعمل الإذاعي والتليفزيون السعودي الرسمي، ومن هنا بدأ رحلته في كتابة السهرات التليفزيونية التي حققت نجاحًا، ومن أبرزها «وفاء الحب» التي اقتبسها من قصة واقعية، وسهرات «عذاب الصمت»، و«صرخة ندم»، و«غيوم في الصيف»، وغيرها.
نجاح ونجومية
في عام 1982 ألّف مسلسل «أصابع الزمن»، ولعب بطولته إلى جانب كل من مديحة حمدي، ونسرين، وفؤاد بخش، وغيرهم الكثيرون من كبار النجوم، إلى جانب ولدَيه «وائل ولؤي».
حقق هذا المسلسل نجاحًا كبيرًا حين عُرض على القنوات الخليجية في ذلك الوقت، وعلى إثره تلقّى محمد حمزة خطابًا من المسرح الشعبي الكويتي، وأصبح عضوًا في هذا المسرح.
وفي عام 1989 كَتب وأنتج ومثّل في مسلسل «ليلة الهروب»، وأيضًا تعرّض للكثير من المتاعب ورُفض في البداية إلا أنه أبصر النور أخيرًا، وعُرض على القناة الأولى للتليفزيون السعودي، وكان من أبطال هذا المسلسل سمية الألفي، فؤاد بخش، حمدان شلبي، سعيد بصيري، وغيرهم.
وفي عام 1992 ألّف ومثّل في مسلسل «قصر فوق الرمال» إلى جانب مديحة حمدي، نادين خوري، رجاء الجداوي، سلوى خطاب، جيهان نصرة، وغيرهم.
وفي عام 1999 ألّف ومثّل في مسلسل «أين الطريق»، وكان من إخراج السوري «نجدة إسماعيل أنزور»، وبطولة عدد كبير من النجوم السوريين والسعوديين، مثل: نادين خوري، لينا حوارنة، علي السبع، نجاح العبدالله، سعيد بصيري، وسحر فوزي.
وفي عام 2000 كتب وشارك في تمثيل المسلسل الدرامي السعودي «دموع الرجال» إلى جانب أسمهان توفيق، وفاء عامر، جميلة عزيز، هاني نظير، عبدالرحمن عزت، وغيرهم.
وفي عام 1984 شارك في المسلسل المصري التاريخي «جمال الدين الأفغاني»، فجسّد شخصية محمد عظم خان أمير أفغانستان في إحدى الفترات التاريخية، كما شارك في هذا العام أيضًا في المسلسل المصري «الزير سالم»، إلى جانب كل من محمود ياسين، ويوسف شعبان، وفردوس عبدالحميد، وغيرهم من نجوم مصر.
خيبة أمل
عانى الفنان الراحل من الإحباط؛ بسبب إهماله وعدم تقديره، ونسيان مسيرته الفنية، وتوالي رفض عدد من أعماله، بداية من عام 2000، قبل أن يكرّمه مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون عام 2006، ويشارك في المسلسل السعودي «أهل البلد» عام 2013 في آخر مشاركاته الفنية، وفي عام 2017 تعرّض لوعكة صحيّة أدخل على إثرها المستشفى لعدّة شهور.
الدراما الهادفة
وعبّر عدد من الفنانين عن حزنهم لرحيل الفنان القدير فقال الناقد الدكتور محمد البشير: «رحل محمد حمزة بعد أن أرسى مفهوم الدراما الهادفة، ورسالة الفن، لم يكن فنانًا عابرًا، بل أيقونة تجسّد معنى الشغف الفني، فقد كان كاتبًا ومذيعًا وممثلًا ومنتجًا، وأكثر من ذلك.. آمن بالفن لذلك لم يغِب عن المشهد حتى بعد أن كبر؛ ليثبت أن الفن لا يشيخ».
قامة فنية
من جانبه، أعرب الفنان يحيى بقاش عن عميق حزنه وألمه بخبر رحيل أستاذ المسرح والدراما الإذاعية والدراما التليفزيونية الفنان القدير محمد حمزة عميد الدراما السعودية، ورأى أنه كان من المهم تتويج عطائه بتكريم يليق بمكانته ومسيرته الحافلة بالعطاء، وهو على قيد الحياة.
وأكد أن الكلمات لا تفي الراحل حقه من التكريم، مضيفًا: أمثال محمد حمزة لابد من ترسيخ إنجازاته الفنية والأدبية، وذلك أقل تقدير يستحقه هو وزملاؤه الذين أرسوا قاعدة المسرح والإذاعة والتليفزيون.
وأشاد بقاش بالفنان الراحل مؤكدًا أنه قامة فنية رائدة، قدّم نفسه كفنان وكاتب ومنتج.
وأضاف: رحيله يمثل لنا خسارة مرجعية وفكرية ثمينة، بعد أن ترك بصمته بتلقائيته وروحه التوّاقة لخدمة رسالته الاجتماعية والوطنية.
عمل وثراء
وأكد الفنان جميل حزنه على الراحل قائلًا: «رحم الله الأستاذ محمد حمزة، وأسكنه فسيح جناته، لقد عمل وأثرى الدراما السعودية بأعمال لا تُنسى.. فهو من الأسماء المهمة في الدراما السعودية، خاصة في مراحلها الأولى، بل من روادها، واستطاع أن يترك بصمة جلية في المشهد الثقافي، وقد استحوذ على جزءٍ مهم من طفولتنا، وبقي مخلدًا في ذاكرتنا»، مستطردًا: بوفاته اليوم، فقدت الدراما السعودية جزءًا مهمًا من أعمدتها.